عنوان الفتوى : هل يعفى عن يسير الكدرة قياسًا على دم الحيض؟
هل يعفى عن يسير الكدرة قياسًا على دم الحيض؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ناقشنا ضابط اليسير المعفو عنه من النجاسة في الفتوى رقم: 134899.
فعلى قول شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ والذي يرى العفو عن يسير كل نجاسة، فالأمر واضح، وعلى قول الجمهور فقد اختلف العلماء في يسير دم الحيض هل يعفى عنه أو لا؟ فإن قيل لا يعفى عنه، فكذا الصفرة، والكدرة ،لا يعفى عنهما لكونهما خارجين من السبيل، قال في الإنصاف: دَمُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي... وقيل: لا يعفى عن يسيره، اختاره المجد. انتهى.
وعلى القول بالعفو عن يسير دم الحيض، فإن العلماء اختلفوا في الصفرة والكدرة هل هما دمان، أو ليسا بدمين؟ قال في مغني المحتاج: وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُفْهِمُ أَنَّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ دَمَانِ، وَاَلَّذِي فِي الْمَجْمُوعِ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: هُمَا مَاءٌ أَصْفَرُ، وَمَاءٌ كَدِرٌ، وَلَيْسَا بِدَمٍ، وَالْإِمَامُ: هُمَا شَيْءٌ كَالصَّدِيدِ تَعْلُوهُ صُفْرَةٌ وَكُدْرَةٌ لَيْسَا عَلَى لَوْنِ الدِّمَاءِ ـ وَكَلَامُ الْإِمَامِ هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ. انتهى.
ونص فقهاء الحنفية على أن ألوان الدم ستة، منها: الصفرة، والكدرة، فعلى أنهما دمان، فالأمر واضح، فإن لهما حكم الدم، فيعفى عن يسيرهما، وعلى القول بأنهما ليسا بدمين، فلم نقف على كلام للفقهاء في خصوص العفو عنها، والذي ينبغي هو تطهيرها قلت أو كثرت؛ وذلك أن الصفرة والكدرة نجسان على ما بيناه في الفتوى رقم: 178713.
وإذ لم ينصوا على العفو عن يسيرهما، فإنهما يطهَّران، ولا يعفى عن شيء منهما.
والله أعلم.