عنوان الفتوى : الأدلة على اعتبار الكفاءة في جانب الزوج دون الزوجة
كُنت قد أبديت رغبتي بالزواج من فتاة معيّنة وعرضت الموضوع على والدتي التي اعترضت وبشدة بحجة أنها ليست من نسب أصيل وهو النسب العربي الذي لا تشوبه أي مصاهرة مع زنوج أو خدم وهو شرط لازم لدى والدتي وتضعه دائما في المقدمة عند طلب الزواج مع العلم أني أرى أن الفتاة خلوقة، سؤالي هو " ماهو المفهوم الشرعي للنسب كشرط من شروط الكفاءة في الزواج ؟ وإذا كان أمر الكفاءة مطلوباً بالنسبة للفتاة ذات النسب الأصيل فهل هو مطلوب للرجل الأصيل؟ وهل في الشرع ما يعيب زواج الرجل من امرأة أقل منه نسبا؟ أفيدوني جزاكم الله كل الخير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الإجابة على حكم الكفاءة في الفتوى رقم: 2346، ونضيف هنا أن الكفاءة في الزواج معتبرة في جانب الزوج دون الزوجة، فلا بد أن يكون الزوج كفؤاً للمرأة ومماثلاً لها، ولا يشترط العكس.
والدليل: أن النبي صلى الله عليه وسلم لا مكافئ له في منزلته، وقد تزوج من أحياء العرب، ومن صفية بنت حيي، وكانت يهودية فأسلمت. ولأن المرأة ذات المنزلة الرفيعة هي التي يلحقها العار هي وأولياؤها عندما تتزوج من غير الكفء، أما الزوج الشريف فليس كذلك عندما يتزوج من هي دونه منزلة، لكنَّ الشريعة أمرت الأزواج أن يختاروا ذوات الدين كما في القرآن عند قوله تعالى: وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ [البقرة:221].
وهذا ما يجب أن ينتبه إليه البعض الذي أصبح يفضل غير المسلمات، ويقطع في طلبهنَّ أطول المسافات، ويتكلف فيهنَّ الكثير، وهو غير مضطر، ولا يدري أنه بهذا يرتكب مخالفة في حق نفسه، حيث يربطها بهذه المرأة التي ترفض أن تطهر قلبها من الشرك بالله وتعاف الطيبات، ويخالف حكم الله الذي أمره بالزواج من المؤمنات القانتات الطيبات، ويجني على ولده الذي ينتقل من أحشاء هذه الأم التي تغذيه وهو في ظلمة رحمها بغذائها الذي لا تذكر عليه اسم الله تعالى، ودمائها الملوثة بالشرك والطوية الخبيثة، وتربيه في حضنها بلبانها المشوبة وعواطفها ومشاعرها القذرة، ليكون بعد ذلك نبتة غير صالحة؛ لأن الله تعالى يقول: وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً [الأعراف:58]. فيا أسفا.
والدليل على طلب اختيار المرأة الصالحة هو حديث البخاري وفيه: فاظفر بذات الدين تربت يداك.
والإسلام لا يعيب على الرجل أخذ زوجة دونه نسباً ما دامت صالحة تناسب رعاية البيت المسلم، وتصلح لتربية الأبناء الذين هم ثمرة الزواج، وربحه، وسند آبائهما في المستقبل، وأمل المجتمع المسلم وقوته، وسياجه الواقي، فليتق الأزواج ربهم قبل أن يسألهم عن الأمانات التي حملهم إياها، ولا يكونوا تبعاً لكل ناعق.
أما عن طاعة السائل لأمه في اختيار الزوجة فلا شك أن ذلك هو الأولى وهو واجب ما دام لم يعرضه ذلك لمعصية الله مع المرأة التي يتركها طاعة لأمه؛ لأن طاعة الله أولى. قال ناظم النوازل العلوية في الفقه المالكي:
لابن هلال طوع والد وجب ===== إن منع ابنه نكاح من خطب
ما لم يخف عصيانه للمولَى ===== بها فطاعة الإله أولى
والله أعلم.