عنوان الفتوى : حكم الصلاة خلف من يرتدي سروالًا فوق الركبة
أحيانًا يأمنا أبي وهو يرتدي سروالًا فوق الركبة، ويقول: إن عورة الرجل هي العورة المغلظة فقط، فهل تصح صلاته وصلاتنا؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعورة الرجل ما بين السرة والركبة عند جمهور أهل العلم، وهو الراجح, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 136124.
وإذا كان والدكم يرتدي سروالًا يستر ما فوق ركبته بحيث كانت ركبته ظاهرة، وما فوقها مستور, فصلاته صحيحة؛ لأن الركبة ليست بعورة عند الجمهور, جاء في المغني لابن قدامة: وليست سرته، وركبتاه من عورته، نص عليه أحمد في مواضع، وهذا قال به مالك، والشافعي، وقال أبو حنيفة: الركبة من العورة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الركبة من العورة ـ ولنا ما تقدم من حديث أبي أيوب، وعمرو بن شعيب، ولأن الركبة حد، فلم تكن من العورة، كالسرة، وحديثهم يرويه أبو الجنوب، لا يثبته أهل النقل، وقد قبل أبو هريرة سرة الحسن، ولو كانت عورة لم يفعلا ذلك. انتهى.
وإن كان والدكم قد انكشف منه جزء من فخذه قصدًا منه، فصلاته باطلة عند الجمهور, جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: فإذا كشف الرجل فخذه بطلت صلاته عند الجمهور إلا المالكية، فيقولون بعدم بطلان الصلاة بكشف الفخذ أو الفخذين، وذهب جماعة من العلماء، ومن بينهم عطاء، وداود، ومحمد بن جرير، وأبو سعيد الإصطخري من الشافعية ـ وهو رواية أحمد ـ إلى أن الفخذ ليس من العورة. انتهى.
وبالنسبة لكم أنتم الذين صليتم خلف أبيكم, فصلاتكم صحيحة عند بعض أهل العلم, القائلين بكون صلاة المأموم غير مرتبطة بصلاة الإمام من حيث البطلان, وهو قول قد رجحه بعض أهل العلم, كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 2825، ورقم: 56349.
كما أن المشهور عند المالكية صحة صلاة الرجل المكشوف الفخذ, وعلى هذا القول، فلا إعادة عليه، ولا على من صلى خلفه, جاء في شرح الخرشي على مختصر خليل المالكي: والمعنى أن الأمة -ولو بشائبة- إذا صلت بادية الفخذ، فإنها تعيد في الوقت استحبابًا، بخلاف الرجل فلا إعادة عليه على المشهور؛ لأنه منها أغلظ، وسواء كان الكشف فيهما عمدًا، أو جهلًا، أو نسيانًا، والظاهر أن الفخذين كالفخذ فيهما. انتهى.
وفي الشرح الكبير للدردير المالكي: لا رجل ـ فلا يعيد لكشف فخذه، أو فخذيه، وإن كان عورة؛ لخفة أمره، بخلاف الإليتين، أو بعضهما فيعيد بوقت، وللسوأتين أبدًا. انتهى.
كما أن بعض أهل العلم يقول بعدم وجوب إعادة الصلاة لأجل ترك شرط من شروطها جهلًا, أو نسيانًا, وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 193091.
لكن ينبغي نصح أبيك، وتنبيهه على أن الأكمل للمصلي هو أن يأتي الصلاة على أحسن هيئاته، وفي أجمل ملابسه؛ لما فى ذلك من تعظيم شعائر الله تعالى؛ لقول الله عز وجل: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ {الأعراف:31}.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء: السنة للمصلي: أن يكون على أحسن وأجمل هيئة، وأكمل طهارة، ونظافة؛ لقول الله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ـ أي: عند كل صلاة، ولما أثر عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال لما سئل عمن يصلي مكشوف الرأس، الله أحق أن يتجمل له من الناس. انتهى.
والله أعلم.