عنوان الفتوى : ما سبب الخلاف في حد عمل قوم لوط؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما سبب الخلاف في حد عمل قوم لوط؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فقد بينا في الفتوى رقم: 1869 اختلاف العلماء في حد اللائط.

قال ابن قدامة في المغني: مسألة: قال: (ومن تلوط، قتل، بكرًا كان أو ثيبًا، في إحدى الروايتين، والأخرى حكمه حكم الزاني) أجمع أهل العلم على تحريم اللواط، وقد ذمه الله تعالى في كتابه، وعاب من فعله، وذمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الله تعالى: {ولوطًا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين} [الأعراف: 80] {إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون} [الأعراف: 81] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط»، واختلفت الرواية عن أحمد -رحمه الله- في حده؛ فروي عنه، أن حده الرجم، بكرًا كان أو ثيبًا، وهذا قول علي، وابن عباس، وجابر بن زيد، وعبد الله بن معمر، والزهري، وأبي حبيب، وربيعة، ومالك، وإسحاق، وأحد قولي الشافعي، والرواية الثانية، أن حده حد الزاني، وبه قال سعيد بن المسيب، وعطاء، والحسن، والنخعي، وقتادة، والأوزاعي، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وأبو ثور، وهو المشهور من قولي الشافعي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أتى الرجل الرجل، فهما زانيان» ولأنه إيلاج فرج آدمي في فرج آدمي، لا ملك له فيه، ولا شبهة ملك، فكان زنى، كالإيلاج في فرج المرأة، إذا ثبت كونه زنا دخل في عموم الآية والأخبار فيه، ولأنه فاحشة، فكان زنى، كالفاحشة بين الرجل والمرأة، وروي عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أنه أمر بتحريق اللوطي، وهو قول ابن الزبير؛ لما روى صفوان بن سليم، عن خالد بن الوليد أنه وجد في بعض ضواحي العرب رجلًا ينكح كما تنكح المرأة، فكتب إلى أبي بكر، فاستشار أبو بكر -رضي الله عنه- الصحابة فيه، فكان عليّ أشدهم قولًا فيه، فقال: ما فعل هذا إلا أمة من الأمم واحدة، وقد علمتم ما فعل الله بها، أرى أن يحرق بالنار، فكتب أبو بكر إلى خالد بذلك، فحرقه، وقال الحكم، وأبو حنيفة: لا حد عليه؛ لأنه ليس بمحل الوطء، أشبه غير الفرج، ووجه الرواية الأولى، قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول به». رواه أبو داود. وفي لفظ: «فارجموا الأعلى والأسفل». ولأنه إجماع الصحابة -رضي الله عنهم- فإنهم أجمعوا على قتله، وإنما اختلفوا في صفته، واحتج أحمد -رضي الله عنه- بقول علي -عليه السلام- وأنه كان يرى رجمه، ولأن الله تعالى عذب قوم لوط بالرجم، فينبغي أن يعاقب من فعل فعلهم بمثل عقوبتهم، وقول من أسقط الحد عنه يخالف النص، والإجماع، وقياس الفرج على غيره لا يصح؛ لما بينهما من الفرق. انتهى.

ومن هنا يمكن تحديد سبب الخلاف، أو أسبابه:

فحديث: فاقتلوا الفاعل، والمفعول به. مختلف في صحته؛ فقد أشار الترمذي إلى ضعفه، وضعفه ابن حزم، وجماعة، وقد صححه الإمام أحمد، وغيره، وانظر الكلام على إسناده في تنقيح التحقيق للذهبي، ولابن عبد الهادي أيضًا.

واعتضد بإجماع الصحابة كما ذكر ابن قدامة -رحمه الله- فأخذ به الإمام أحمد.

وقد عٌورِض هذا بحديث: إذا أتى الرجل الرجل، فهما زانيان. وقد ضعفه جماعة منهم: البيهقي، وابن الملقن، والهيثمي، والألباني، وقد أخذ به الشافعي.

ولم يأخذ الإمام أبو حنيفة بأي منهما، ورأى أنه ذنب كبير، فجعل عقوبته التعزير؛ لأنه لم يصح فيه حد عنده.

والله أعلم.