عنوان الفتوى : تحويل الجنس إلى جنس آخر
ما رأي الدين فيما نُشر وما يُنشر من تحوُّل بعض الناس من جنس إلى جنس آخر عن طريق العِلاج الطِّبِّي والعمليات الجراحيّة؟
يقول فضيلة الشيخ عطية صقر – رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا :ـإن الذكورة لها أعضاؤها التي من أهمِّها القُبُل والخُصْية وما يتّصل بها من حبل مَنوي وبروستاتا، ومن الآثار الغالبة للذكورة عند البلوغ الميل إلى الأنثى، وخشونة الصّوت ونبات شعر اللحية والشارب وصغر الثديين… وللأنوثة أعضاؤها التي من أهمّها المِهبل والرّحم والمِبيض وما يتّصل بها من قناة فالوب وغيرها، ومن آثارها الغالبة عند البلوغ الميل إلى الذَّكر، ونعومة الصّوت، وبروز الثّديين، وعدم نبات شعر اللحيّة، والدورة الشهريّة.
وقد يُولَد شخص به أجهزة الجنسين، فيقال له: خُنْثَى، وقد تتغلب أعضاء الذكورة وتبرُز بعملية جراحية وغيرها فيصير ذكَرًا يتزوّج أنثى وقد يُنجِب. وقد تتغلّب أعضاء الأنوثة وتبرز بعملية جراحيّة وغيرها فيصير أنثى تتزوّج رجلًا، وقد تُنجب.
أما مجرّد الميول الأنثويّة عند رجل كامل الأجهزة المحدّدة لنوعه فهي أعراض نفسيّة لا تنقله إلى حقيقة الأنثى، وقد تكون الميول اختياريّة مصطنعة عن طريق التشبه فتقع في دائرة المحظور بحديث لَعْن المتشبِّه من أحد الجِنسين بالآخر، وقد تكون اضطراريّة يجب العلاج منها بما يمكن، وقد يفلح العلاج وقد يفشل، وهو مرهون بإرادة الله سبحانه. كما أن مجرد الميول الذَّكَريّة عند امرأة كاملة الأجهزة المحدّدة لنوعها لا تعدو أن تكون أعراضًا لا تنقلها إلى حقيقة الذكورة، فتقع في دائرة المحظور إن كانت اختياريّة، ويجب العلاج منها إن كان اضطراريّة.
هذا، وقد رفع طلب إلى دار الإفتاء المصرية فأجاب عنه الشيخ جاد الحق علي جاد الحق بتاريخ 27 من يونيه 1981م بما خلاصتُه أن الإسلام أمر بالتداوي، ومنه إجراء العمليّات الجراحيّة بناء على حديث رواه مسلم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أرسل طبيبًا إلى أُبيّ بن كعب فقطع عِرقًا وكواه، وأنه نهى عن التّخنّث المتعمّد المتكلَّف، كما رواه البخاري ومسلم ثم قرّر أنه يجوز إجراء عملية جراحيّة يتحول بها الرجل إلى امرأة، أو المرأة إلى رجل متى انتهى رأي الطبيب الثِّقة إلى وجود الدواعي الخِلْقِية في ذات الجسد بعلامات الأنوثة المغمورة أو علامات الرجولة المغمورة، تداويًا من علة جسديّة لا تزول إلا بهذه الجراحة.
ومما يزكِّي هذا ما أشار إليه القسطلاني والعسقلاني في شرحيهما لحديث المُخَنّث من أن عليه أن يتكلّف إزالة مظاهر الأنوثة. هذا التكلّف قد يكون بالمعالجة والجراحة علاج، بل لعله أنجح علاج.
لكن لا تجوز هذه الجراحة لمجرّد الرغبة في التغيير دون دواعٍ جسديّة صريحة غالبة، وإلا دَخَل في حكم الحديث الشريف الذي رواه البخاري عن أنس قال: لَعَنَ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المُخنَّثين من الرجال والمُترجِّلات من النِّساء، وقال “أخرجوهم من بُيوتكم” فأخرج النبيّ فلانًا وأخرج عمر فلانًا.
وإذ كان ذلك جاز إجراء الجِراحة لإبراز ما استتر من أعضاء الذكورة أو الأنوثة، بل إنه يصير واجبًا باعتباره عِلاجًا متى نصح بذلك الطبيب الثقة، ولا يجوز مثل هذا الأمر لمجرّد الرغبة في تغيير نوع الإنسان من امرأة إلى رجل، أو من رجل إلى امرأة
“الفتاوى الإسلامية ـ المجلد العاشر ـ ص 3501”.