عنوان الفتوى : حكم الوصية من النصراني وبالعكس
لماذا لا يجوز لمسلم أن يأخذ وصية أوصت بها له جدته النصرانية؟ أقول وصية وليست ميراثا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمسلم قبول الوصية من قريبه الكافر سواء كان حربياً أو ذمياً أو مستأمناً، لأن الذي ورد فيه المنع هو الإرث دون الوصية، وتجوز الوصية أيضاً من مسلم لكافر سواء كان قريبه أو لا، وسواء كان ذمياً أو حربياً في دار الحرب. قال ابن قدامة في المغني: وتصح وصية المسلم للذمي والذمي للمسلم والذمي للذمي روي إجازة وصية المسلم للذمي عن شريح والشعبي والثوري والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي ولا نعلم عن غيرهم خلافهم ... وقال: " فإذا صحت وصية المسلم للذمي فوصية الذمي للمسلم، والذمي للذمي أولى، ولا تصح إلا بما تصح به وصية المسلم للمسلم، ولو أوصى لوارثه أو لأجنبي بأكثر من ثلثه وقف على إجازة الورثة كالمسلم سواء
والمسلم ليس وارثاً لقريبه الذمي عند جماهير أهل، العلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم " متفق عليه.
وعليه؛ فلو أوصى الكافر لقريبه المسلم أو غيره بالثلث فأقل صحت الوصية ولا يتوقف إنفاذ الوصية على إجازة ورثته.
وقال ابن قدامة رحمه الله: وتصح الوصية للحربي في دار الحرب نص عليه أحمد، وهو قول مالك وأكثر أصحاب الشافعي، وقال بعضهم: لا تصح، وهو قول أبي حنيفة لأن الله تعالى قال ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ *إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الممتحنة:8، 9] فيدل ذلك على أن من قاتلنا لا يحل بره. ولنا أنه تصح هبته فصحت الوصية له كالذمي، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى عمر حلة من حرير فقال: يا رسول الله كسوتنيها وقد قلت في حلة عطارد ما قلت! فقال: " إني لم أعطكها لتلبسها " فكساها عمر أخاً مشركاً له بمكة. ثم قد حصل الإجماع على جواز الهبة والوصية في معناها. انتهى
وعليه فلا حرج عليك في أخذ ما أو صت به جدتك لك.
والله أعلم.