عنوان الفتوى : منع الاستمناء ليس من جهة الطب فحسب

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

لدي سؤال هام عن الاستمناء ، لقد قرأت الفتوى السابقة بخصوص هذا الموضوع ، ولكن أتساءل ما إذا كان قد يتغير الحكم نتيجة ظهور العلوم الحديثة ، فمما قرأت عن الاستمناء أن السبب في تحريمه يرجع إلى آثاره السلبية ، ومع ذلك، فقد أجرى بعض الأساتذة الجامعيين أبحاثًا عن ذلك ، وأثبتوا خطأ الأساطير القديمة عن هذا الأمر ، ومع أخذ الحقائق الحالية في الاعتبار، فقد ثبت علميا أن هناك العديد من الفوائد الصحية الفعالة للاستمناء ، وقد ثبت خطأ الأساطير والمفاهيم الخاطئة القديمة التي كانت تعتقد أن الاستمناء مضر، ومع هذه الحقائق الواضحة ألا يتغير الحكم على الاستمناء ؛ لأن فوائده تفوق الأضرار التي كان يعتقد أنه يسببها .

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله.

إذا كان مناط الحكم الشرعي متعلقا بالطب فحسب، وتغيرت المعارف الطبية، تغير عندئذ الحكم الشرعي تبعا للمعرفة الطبية، وذلك كتغير حكم التدخين – عبر التاريخ - على سبيل المثال، فقد كانت المعارف الطبية أول ظهور هذه النبتة واستعمالها في التدخين لم تتوصل إلى الأضرار الجسدية الحقيقية، فكانت فتاوى كثير من العلماء في ذلك العهد على جواز تعاطي التدخين، تناولا، وبيعا وشراء. فلما تطور العلم الحديث، وأثبتت الأبحاث الطبية الأضرار البالغة التي يسببها التدخين في جسد الإنسان، تغير الحكم ال شرعي إلى التحريم، وبه صدرت معظم فتاوى المعاصرين؛ لأن مناط الحكم على التدخين في الأصل هو الطب والمنفعة والمضرة، وليس شيئا دينيا خاصا .
والقاعدة الفقهية المتفق عليها تقرر أن: الحكم يدور مع علته وجودا وعدما. ينظر كتاب "تحقيق البرهان في شأن الدخان" لمرعي الكرمي (1033هـ)، مع مقدمة تحقيق مشهور حسن سلمان.

وهذا في الحقيقة ليس تغييرًا للحكم الشرعي ، وإنما هو تغير في اجتهاد العلماء ، المبني على معرفة أثر التدخين وأضراره .

أما الاستمناء، أو "العادة السرية"، فمناط تحريمها الذي يذكره العلماء ليس هو الضرر البدني فحسب، بل هو سد أبواب الشهوات الجنسية أن تسيطر على الإنسان إلا عبر الزواج الحلال، وذلك المعنى مستنبط من الآية الكريمة: (والَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ. فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) المؤمنون/5-7.

والحكمة التشريعية من ظاهر هذه الآية الكريمة يمكن أن يذهب العلماء بها أوجها عديدة:
من قبيل سد ذريعة تعدي الشهوة المتفجرة بالعادة السرية إلى البحث عن طرائق الحرام، من أفلام وعلاقات ومشاهدات.
أو من جهة صيانة العقل والجسد عن ضياع طاقته وقوته في غير وجهها الصحيح.
أو من جهة حفظ المروءة ، وتجنيب النفس العبث بحركات دنيئة لا طائل يرجى من ورائها. فهي علة أخلاقية من هذه الجهة، كما يقول الإمام ابن حزم: "إلا أننا نكرهه؛ لأنه ليس من مكارم الأخلاق، ولا من الفضائل" انتهى من "المحلّى" (12/407) .

والطب أيضا واحد من تلك الأوجه أو الحِكَم المحتملة والمستنبطة من الآية الكريمة، وذلك فيما يقرره الأطباء من أضرار على الممارس، وما تبلغ به من إدمانٍ مُنهِك للصحة عامة.

وهكذا فالطب ليس هو "العلة الوحيدة" لهذا الحكم الشرعي كي يقال بتغير الحكم مع تغير نتائج الطب فيه.
وقد بحثنا في كتب الفقهاء فلم نجد من يحصر تعليق تحريم الاستمناء على جهة الطب .
بل وجدنا في كلام الشوكاني ما يدل على أن الطب "أحد" أسباب التحريم، وليس هو "جميع" الأسباب. وذلك في قوله رحمه الله: "ومن جملة ما تمسكوا به : أن في الاستمناء بالكف مضارا يذكرها أهل الطب" انتهى من "الفتح الرباني" (7/3380) .

هذا كله نقوله على فرض التسليم بما ورد في السؤال من فوائد صحية لممارسة العادة السرية! ولكن إثبات ذلك يحتاج إلى أبحاث علمية محكمة، أو أقوال مختصين عن خبرة بحثية مؤكدة، وليس مجرد أقوال مرسلة تنقل هنا أو هناك، فمثلها لا تشكل علما، ولا تؤثر رأيا.

ونحن نحيل هنا إلى ما تكتبه المواقع الطبية التي يشرف عليها أهل الاختصاص، ففيها الفائدة إن شاء الله.
http://www.altibbi.com/definition/masturbation

وللمزيد حول حكم الاستمناء يرجى النظر في أرقام الأجوبة الآتية في الموقع :
(329) ، (20161) ، (101539) ، (145482)، (230315).
والله أعلم .