عنوان الفتوى : ما حكم سب السيدة مريم العذراء أو الانتقاص من شأنها؟
ما حكم سب السيدة مريم العذراء، أو الانتقاص من شأنها؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سب مريم العذراء ـ عليها السلام ـ أو الانتقاص من شأنها حرام لا يجوز، وفاعله يشدد عليه في التعزير بالقيود، والضرب الشديد، كما جاء في شراح المختصر عند قول خليل: أَوْ سَبَّ مَنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى نُبُوَّتِهِ ـ كَالْخَضِرِ، وَلُقْمَانَ، وَمَرْيَمَ، وَخَالِدِ بْنِ سِنَانٍ ـ فَيُشَدَّدُ تَأْدِيبُهُ.
وفي معين الحكام من كتب الحنفية: فأما من لم تثبت الأخبار بتعيينه من الملائكة، والرسل، كهاروت وماروت من الملائكة، والخضر، ولقمان، وذي القرنين، ومريم، وآسية، وخالد بن سنان ـ المذكور أنه نبي أهل الرس ـ وزرادشت الذي تدعي المجوس، ويذكر المؤرخون نبوته، فليس الحكم في سابهم، والكافر بهم كالحكم فيمن قدمناه، إذا لم تثبت لهم تلك الحرمة, ولكن يزجر من نقصهم وآذاهم، ويؤدب بحال المقول فيهم، لا سيما من عرفت صديقيته وفضله منهم، كمريم، وإن لم تثبت نبوتها.
وفي مطالب أولي النهى: لا يكفر من لعن شريفًا وأجداده, أو لعن رجلًا مختلف في نبوته، كالخضر، ولقمان ـ عليهم السلام ـ إذا لم يستحله, بل كان ذلك منه غيظًا، أو سفهًا أو عبثًا ولعنًا، كسب الصحابة - رضوان الله عليهم -. اهـ.
وأما من سبها بأنها بغي: فهذا كفر، يقتل فاعله لتكذيبه للقرآن الكريم الذي قال عنها: وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ {التحريم:12}.
والحاكم هو من يتولى إقامة تلك العقوبة، قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في الشرح الممتع على زاد المستقنع: وظاهره أيضًا ولو قذف أم نبي ـ نسأل الله العافية ـ مثل أن يقول: إن مريم ـ والعياذ بالله ـ بغي، فهل يقتل أو لا؟ الجواب: لا بد أن يقتل؛ لأنه حتى لو فرضنا أنه ليس من باب القذف، فهو من باب تكذيب القرآن.
والله أعلم.