عنوان الفتوى : لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً
إذا ارتكبت معصية ثم تبت الي الله عز وجل ثم رجعت إلى الإثم مرة أخرى رغما عني ثم ندمت وتبت ثم أذنبت فضاق بي صدري وأردت أن أعود إلى ربي وأعمل صالحا فهل يقبلني ربي بالرغم من أنني لم أحافظ على وعدي له في المرات السابقةاللهم رحمتك أرجو فهل تقبلنيارجو من سيادتكم سرعة الاجابة لشدة ما أنا فيه من كرب وحزن
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم " أن عبداً أذنب ذنباً فقال: رب أذنبت ذنباً فاغفر لي، قال الله تعالى: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنباً آخر فذكر مثل الأول مرتين أخريين " وفي رواية لمسلم " قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء " يعني: مادام على هذا الحال كلما أذنب استغفر فإني قد غفرت له؟
وروى الحاكم عن جابر أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: واذنوباه مرتين أو ثلاثا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " قل: اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي، ورحمتك أرجى عندي من عملي. فقالها، ثم قال له عد: فعاد، ثم قال له: عد فعاد، ثم قال له قم: قد غفر الله لك "
وقد قال القائل:
رب وإن عظمت ذنوبي كثرة فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن فمن الذي يدعو ويرجو المجرم
مالي إليك وسيلة إلا الرجا وجميل عفوك ثم إني مسلم
فمن أذنب ثم تاب توبة صادقة، وندم على ما فعل وأقلع عن الذنب، وصمم العزم على أن لا يعود فإن الله سيغفر له ولو عاد إلى الذنب مرة ثانية ثم تاب توبة كالأولى غفر الله له ورحمه.
فعن أَنَسِ بنِ مالِكٍ قال سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "قالَ الله تَبَارَكَ وتعَالى: يا ابنَ آدَمَ إِنّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى ما كانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِي. يا ابنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَت ذُنُوبُكَ عَنَانَ السّمَاءِ ثُمّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِي. يا ابنَ آدَمَ إنّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأرْضِ خَطَايَا ثُمّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بي شَيْئاً لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً". رواه الترمذي وقال: حسن.
وبعد هذا الترحاب الغامر من العزيز الغفار أنى لليأس أن يجد طريقاً إلى قلب المسلم.
والله أعلم.