عنوان الفتوى : حكم البيع لمن يدفع الثمن من قرض ربوي
أنا شريك في شركة عقارية، نقوم ببناء وبيع شقق، وأخي هو المدير والمسؤول عن التنفيذ والبيع، ولكن هناك بعض الشقق يقوم أخي ببيعها لمشترين عن طريق قروض ربوية، يقومون بأخذ الأوراق من أخي، وإتمام عملية القرض الربوي من البنك. وكنت قد سألتكم سابقا عن هذه العملية، وقد أفتيتموني- جزاكم الله خيرا- بعدم جواز هذه العملية. ولذلك قررت أن أترك الشركة. فماذا أفعل لكيلا يدخل مالي مال حرام، مع العلم أن هناك تقريبا 20 شقة مبنية، وجاهزة للبيع، وأنا شريك فيها، وأخبرت أخي بأن البيع للبنوك الربوية حرام. ولكن في مثل هذه الشركات لا أستطيع أن أنفصل (أسحب نقودي) عن الشركة إلا بعد بيع جميع الشقق، مع العلم أن جزء يسيرا منها يباع عن طريق قروض ربوية، والباقي يباع نقدا، أو عن طريق بنوك إسلامية. أفتوني في هذا جزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما المال المكتسب من بيع الشقق لمن اقترض ثمنها بالربا، فلا حرج في الانتفاع به، وليس مالا حراما عليكم، فهو ثمن مبيعكم الحلال (الشقة) والحرمة تتعلق بذمة المقترض لا بعين هذا المال.
لكن ما ذكرناه لك هو المنع من التعاون مع من عُلم كونه يريد الاقتراض بالربا، على فعله المحرم، سواء بالبيع له، أو بغيره. فإن حصل أن بيع له من هذه الشقق في الماضي أو في المستقبل، فلا يلزم من ذلك تحريم ثمن الشقق عليكم.
وبناء على ذلك، فقد أحسنت في نصحك لأخيك بالكف عن بيع الشقق لمن علم عنه أنه يريد الاقتراض بالربا لأجل شرائها، لئلا يكون ذلك عونا له؛ قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.
بخلاف من كان قد اقترض فعلا، ولم يأخذ أوراقا من قبلكم، وجاء يريد شراء الشقة، فالبيع له لا إعانة فيه على الاقتراض؛ لكونه قد تم وانتهى.
وعلى كل، فإنه لا حرج عليك في البقاء في الشركة المذكورة، مع الامتناع عن التعاون مع من عُلم كونه يريد الدخول في معاملة محرمة، ولو عمل ذلك أخوك دون إذنك، فإثم تعاونه مع الآثم عليه فحسب. ولو شئت ترك الشركة بعد بيع الشقق، فلا حرج عليك أيضا.
وجزاك الله خيرا على حرصك على الحلال، وتثبتك من أمر دينك؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.