عنوان الفتوى : كيفية إخراج الزكاة عن سنين ماضية
جزاكم الله خيرا على مجهودكم الرائع. بالنسبة لأموال القاصر التي تحجبها الدولة عنه، وتستثمرها له حتى بلوغه 21 عاما، أعلم أن زكاة هذا المال في هذه الحالة هي أن تتم معرفة قيمة الزكاة عن كل عام، ويتم إخراج زكاة الأعوام كلها عند حصوله على المال عند بلوغ هذا السن، ولكن مثلا قيمة زكاة أول عام دخلت في استثمار العام التالي مع بقية المال؛ لأنها لم تخرج. فهل يتم حساب زكاة العام التالي على أساس ربع عشر المبلغ كله، أم يتم حساب قيمة ربح زكاة العام الماضي بالنسبة والتناسب من المبلغ كله، وإضافة هذا الربح كله إلى قيمة زكاة العام الماضي وليس ربع عشر هذا الربح؛ لأنه ناتج أصلا عن مال كان يجب أن يخرج للزكاة فليس للقاصر حق أي ربح منه، ويتم حساب زكاة بقية المال على أساس ربع العشر؟ وهل أصلا تجب الزكاة كل عام في هذه الأموال أم في آخر عام فقط؛ حيث إنهم غير قادرين على التصرف في هذه الأموال، ولم يختاروا أصلا هم أو وليهم طريقة استثمارها. وإذا كانت تزكى في آخر عام فقط. فكيف تحسب؟ كل ما سبق ذكره إن كان الاستثمار حلالا أما إذا كان في بنوك ربوية، ولكن يوجد إجبار من الدولة، وهم غير قادرين على التصرف حتى بلوغ هذا السن. فما رأيكم في كل ما سبق؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فنقول ابتداء: ليس لولي المحجور عليه، أو وصيه أن يؤخر إخراج الزكاة إلى أن يبلغ المحجور عليه رشده، بل الواجب عليه إخراجها كل عام في وقتها المحدد لها شرعا, وهذا قول جمهور أهل العلم.
قال ابن قدامة في المغني: مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ يُخْرِجُ عَنْهُمَا وَلِيُّهُمَا, وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ; لِوُجُودِ الشَّرَائِطِ الثَّلَاثِ فِيهِمَا، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَجَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَبِهِ قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَعَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَرَبِيعَةُ، وَمَالِكٌ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالشَّافِعِيُّ، وَالْعَنْبَرِيُّ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ . وَيُحْكَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُمْ قَالُوا: تَجِبُ الزَّكَاةُ، وَلَا تُخْرَجُ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ، وَيُفِيقَ الْمَعْتُوهُ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أُحْصِي مَا يَجِبُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مِنْ الزَّكَاةِ، فَإِذَا بَلَغَ أُعْلِمُهُ، فَإِنْ شَاءَ زَكَّى، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُزَكِّ. وَرُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ إبْرَاهِيمَ. اهــ.
إذا تبين هذا فإنه يجب - على قول الجمهور - على الوصي على الصغير- سواء كانت الدولة أم غيرها - أن يخرج زكاته ولا يؤخرها حتى بلوغه, وإذا لم يخرجها حتى بلغ، فإنه يجب عليه أن يُحصي زكاة كل عام من الأعوام السابقة ويخرجها, ولا تُحسبُ الزكاةُ التي استُحِقَّتْ في سنة سابقة من جملة المال في السنة التي تليها, فلو فُرِضَ أن ماله في السنة الأولى عشرة آلاف ريال, فزكاتها مائتان وخمسون، فإذا لم تُخرج, وصار ماله في السنة التالية عشرون ألفا – بما فيها المائتان والخمسون – فإنه لا يخرج زكاة العشرين ألفا وإنما المتبقي بعد خصم المائتين والخمسين. ولا يلزمه أن يخرج ربح الزكاة على اعتبار أنها من جملة المال الذي استثمر وربح؛ وذلك لأنها دين في الذمة، والدين يؤدى كما هو، ولا حق للدائن في أكثر من دينه.
والله أعلم.