عنوان الفتوى : توضيح مورد كلام ابن تيمية في مسألة إسلام علي بن أبي طالب قبل بلوغه
يقول شيخ الإسلام: وأما إسلام علي فهل يكون مخرجًا له من الكفر، على قولين مشهورين، ومذهب الشافعي أن إسلام الصبي غير مخرج له من الكفر، فماذا يقصد شيخ الإسلام؟ وهل إسلام الصبي غير مخرج له من الكفر؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعروف أن شيخ الإسلام ابن تيمية يرد في كتابه منهاج السنة النبوية على كتاب منهاج الكرامة في معرفة الإمامة لابن مطهر الحلي، ومما جاء في هذا الكتاب الأبتر فصل أراد به ابن مطهر أن ينفي الإمامة عمن سبق عليًا - رضي الله عنه - من الخلفاء الراشدين، واستدل لذلك بأدلة، منها قوله تعالى: لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ {البقرة:124} حيث قال: أخبر بأن عهد الإمامة لا يصل إلى الظالم، والكافر ظالم؛ لقوله: وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ {البقرة:254}، ولا شك في أن الثلاثة ـ يعني أبا بكر، وعمر، وعثمان ـ كانوا كفارًا يعبدون الأصنام، إلى أن ظهر النبي صلى الله عليه وسلم.
فرد شيخ الإسلام هذا الاستدلال المغلوط من عدة وجوه، كان الثالث منها قوله - رحمه الله -: أن يقال: قبل أن يبعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم لم يكن أحد مؤمنًا من قريش: لا رجل، ولا صبي، ولا امرأة، ولا الثلاثة، ولا علي، وإذا قيل عن الرجال: إنهم كانوا يعبدون الأصنام، فالصبيان كذلك، علي، وغيره، وإن قيل: كفر الصبي ليس مثل كفر البالغ، قيل: ولا إيمان الصبي مثل إيمان البالغ؛ فأولئك يثبت لهم حكم الإيمان والكفر وهم بالغون، وعليٌّ يثبت له حكم الكفر والإيمان وهو دون البلوغ، والصبي المولود بين أبوين كافرين يجري عليه حكم الكفر في الدنيا باتفاق المسلمين، وإذا أسلم قبل البلوغ فهل يجري عليه حكم الإسلام قبل البلوغ؟ على قولين للعلماء، بخلاف البالغ، فإنه يصير مسلمًا باتفاق المسلمين، فكان إسلام الثلاثة مخرجًا لهم من الكفر باتفاق المسلمين، وأما إسلام علي، فهل يكون مخرجًا له من الكفر؟ على قولين مشهورين، ومذهب الشافعي أن إسلام الصبي غير مخرج له من الكفر. اهـ. فتبين بذلك مراد شيخ الإسلام بكلامه هذا.
وأما مسألة إسلام الصبي: فقد سبق أن أوضحناها في الفتوى رقم: 160339.
والله أعلم.