عنوان الفتوى : منح جوائز لطلبة العلم الشرعي.. رؤية شرعية
هل يجوز لطالب العلم الشرعي أن يأخذ جائزة - مالا - على أنه قد نجح؟ وهل الأفضل أن يبتعد عن الجائزة أو يأخذها؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تبين لنا في سؤلك ممن يأخذ الطالب تلك الجائزة وكيفية الحصول عليها، لكن لو كان محل الإشكال لديك هو كون الجائزة تمنح لطالب العلم الشرعي عند تفوقه، فهذا لا حرج فيه، بل تدخل في الإعانة على طلب العلم والمنافسة فيه ولا يخرجه ذلك عن كونه قربة، ولا يقدح في الإخلاص، كما أنه يجوز عند طائفة من أهل العلم بذل العوض في مسابقات القرآن والحديث والعلم الشرعي, قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في الفروسية: المسألة الحادية عشرة: المسابقة على حفظ القرآن والحديث والفقه وغيره من العلوم النافعة والإصابة في المسائل، هل تجوز بعوض؟ منعه أصحاب مالك وأحمد والشافعي، وجوزه أصحاب أبي حنيفة، وشيخنا، وحكاه ابن عبد البر عن الشافعي ـ والله تعالى أعلم ـ ولما حكى حجج المجيزين، قال: قالوا: وإذا كان الشارع قد أباح الرهان في الرمي والمسابقة بالخيل والإبل، لما في ذلك من التحريض على تعلم الفروسية وإعداد القوة للجهاد، فجواز ذلك في المسابقة والمبادرة إلى العلم والحجة التي بها تفتح القلوب ويعز الإسلام وتظهر أعلامه أولى وأحرى، وإلى هذا ذهب أصحاب أبي حنيفة وشيخ الإسلام ابن تيمية.
وقال في موضع آخر: وهذا كحال المتناظرين في العلم، فإن أحدهما يورد على صاحبه من الممانعات والمعارضات وأنواع الأسئلة ما يرد على الآخر جوابه ليُعرف الحق في المسألة، فإذا جادله مبطِلٌ كان مستعداً لمجادلته بما تقدم له من المناظرة مع صاحبه، فالمناظرة في العلم نوعان: أحدهما: للتمرين والتدرب على إقامة الحجج ودفع الشبهات، والثاني: لنصر الحق وكسر الباطل، والأول يشبه السباق والنضال، والثاني يشبه الجهاد وقتال الكفار، قال الله تعالى: وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ. انتهى.
وعليه؛ فسواء دخل الطالب مسابقة فأخذ الجائزة، أو أعطيت له من غير مسابقة، فلا حرج في ذلك.
والله أعلم.