عنوان الفتوى : الوصية لأجنبي وللمحتاج من أولاده، واستخراج الأخ صك إعالة لإخواته واستخدامه دون علمهن
الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية: ـ للميت ورثة من الرجال: (ابن) العدد 10 ـ للميت ورثة من النساء: (بنت) العدد 4 وصية تركها الميت تتعلق بتركته، وهي: وقف عمارة للضحايا والصدقات، والباقي للمحتاج من أولاده وبناته. ـ معلومات عن ديون الميت: (ديون)ـ إضافات أخرى: استخرج أخي صك إعالة لأختيه اللتين لم تتزوجا بعد دون علمهن؟ فهل يستطيع أن يستخدمه في أخذ حقهما؟. 2ـ توجد لدى البنات محفظة أسهم بأسمائهن تركها الوالد، فهل تدخل في التركة؟ أم هي لهن فقط؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فجوابنا عما ذكرته في هذا السؤال يتلخص فيما يلي:
أولا: يجب سداد الدين الذي في ذمة الميت من التركة قبل الوصية وقبل قسمة التركة على الورثة، لأن الدين مقدم على الوصية وعلى حق الورثة في المال، جاء في الموسوعة الفقهية: وَيُقَدَّمُ الدَّيْنُ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، لأِنَّ الدَّيْنَ وَاجِبٌ مِنْ أَوَّل الأْمْرِ، لَكِنَّ الْوَصِيَّةَ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً، وَالْوَاجِبُ يُؤَدَّى قَبْل التَّبَرُّعِ. اهـ.
ثانيا: الوصية في التركات إنما يُقصد بها إرادة الميت تنفيذ أمر بعد موته، وأما ما يريد فعله في حياته فإنه لا يسمى وصية، وبالتالي فسنعتبر في الجواب أن الميت أراد وقف العمارة المذكورة بعد موته، فنقول: إذا تم سداد الدين فإنه ينظر في العمارة التي أوصى بوقفها, فإن كانت لا تزيد على ثلث تركته، فإن هذه وصية واجبة النفاذ وتوقف على ما ذكره, وإن كانت تزيد على ثلث تركته فإنه يوقف منها مقدار ثلث التركة فقط, وما زاد عن الثلث لا بد فيه من موافقة البالغ الرشيد من الورثة.
ثالثا: جعل المحتاج من أبنائه وبناته من جملة الموقوف عليهم ـ بعد المنكوبين والصدقات ـ يدخل في الوقف على بعض الورثة, وهو يعتبر في حكم الوصية لهم ولا يصح في القول المفتى به عندنا، وقد ذكرنا حكمه وبعض المسائل المهمة المتعلقة به في الفتويين رقم: 175555, ورقم: 180047، والفتاوى المرتبطة بهما فانظرها.
غيرَ أن الوصية هنا لم يخصص منها شيء محدد للمحتاج من أبنائه وبناته، وإنما جعل لهم الباقي بعد الضحايا والصدقات. وبالتالي، فإذا لم يبق شيء للورثة من الوصية فالأمر واضح، وإذا بقي منها شيء فإذا لم يمضه باقي الورثة فإنه يرد إلى التركة ويقسم بين الورثة جميعا القسمة الشرعية, وتمضي الوصية في الصدقات والمنكوبين, جاء في الحاوي: وَلَوْ أَوْصَى لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ فَلَمْ يُجِيزُوا، فَلِلْأَجْنَبِيِّ النصف ويسقط الْوَارِثِ. اهـ.
وفي النوادر لابن أبي زيد القيرواني: قال غير واحد عن مالك: وإذا أوصى لوارث، وأجنبي، فليحاص له، فما نابه أخذه إن أجاز الورثة له، وإن أبوا عاد ميراثاً. اهـ.
رابعا: ما ذكرته عن أخيك من استخراج صك وهل يبيح له أخذ حق أخواته: جوابه أنه لا يوجد في الدنيا صك يبيح لصاحبه أخذ حق غيره من غير وجه شرعي, وإن كنت تعني أنه أخذ توكيلا من المحكمة بكونه الوصي عليهن، فإن وصايته عليهن تقضي بالعمل على رعايتهن وحفظ حقهن لا أخذه, وإذا كانت أختاه بالغتين رشيدتين فإنه لا وصاية لأحد عليهن، إذ الوصاية إنما تكون على الصغير والبالغ غير الرشيد, وإنما يكون وليا عليهن في النكاح وليس له أن يزوجهن ممن لا يرضينه, وانظر الفتوى رقم: 76751.
خامسا: المحفظة التي باسم البنات إن كانت هبة لهن من الوالد، فإن تلك المحفظة لا تدخل في الميراث، لأنها هبة تمت، وإن كتبها بأسمائهن لا على سبيل الهبة وإنما لغرض آخر، فإنها تعتبر من جملة التركة وتدخل في الميراث.
سادسا: إذا لم يترك الميت من الورثة إلا أبناءه وبناته، فإن تركته لهم ـ تعصيبا ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11}.
فتقسم التركة على أربعة وعشرين سهما, لكل واحد من الأبناء العشرة سهمان, ولكل بنت سهم واحد.
وأخيرا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، أو مشافهة أهل العلم بها إذا لم توجد محكمة شرعية‘ فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.