الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فنسأل الله أن يعافيك، ويصرف عنك السوء، ويهديك لأرشد أمرك، فقد ظهر لنا من خلال أسئلتك السابقة أنك مبتلى بدائين خطيرين:

أحدهما الوسوسة في الاستهزاء وغيره من الأمور الكفرية، فقد بلغ منك الوسواس مبلغا عظيما، وأضر بك ضررا بالغا، وسبب ذلك هو استرسالك مع الوساوس، واستسلامك لها وعدم مجاهدتك نفسك في تركها والإعراض عنها، وقد بينا مرارا وتكرارا أن أفضل علاج للوساوس بعد الاستعانة بالله هو الإعراض عنها، وعدم الاكتراث بها، ولا الالتفات إلى شيء منها؛ وانظر الفتوى رقم: 51601 .
قال النووي -رحمه الله- في الأذكار: أنفع علاج في دفع الوسوسة الإقبال على ذكر الله تعالى والإكثار منه. وقال السيد الجليل أحمد بن أبي الحواري: شكوت إلى أبي سليمان الداراني الوسواس، فقال: إذا أردت أن ينقطع عنك، فأي وقت أحسست به فافرح، فإنك إذا فرحت به انقطع عنك؛ لأنه ليس شيء أبغض إلى الشيطان من سرور المؤمن، وإن اغتممت به زادك. قلت: وهذا مما يؤيد ما قاله بعض الأئمة: إن الوسواس إنما يبتلى به من كمل إيمانه، فإن اللص لا يقصد بيتا خربا. انتهى.

 فليس بمجرد ارتداء الزانية للحجاب أثناء الفاحشة تكفر بذلك، أو يكفر من يشاهدها.
 وأما الداء الثاني فهو مشاهدة الأفلام المحرمة الخليعة، وقد أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين والمؤمنات بغض البصر عن الحرام؛ قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ. [النور:31] وقال تعالى: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء:36].
 وفي مشاهدة هذه الأفلام من الأضرار الدينية والدنيوية على الشخص ما لا يخفى، فهي تؤدي إلى ارتكاب الفاحشة، وتميت القلب وتقسيه، وتؤثر على نفسية المشاهد.
لذلك يجب على السائل إن كان قد شاهد تلك المناظر أن يتوب إلى الله تعالى، مع العزم المصمم على عدم العودة مرة أخرى لمشاهدتها، والندم على ما مضى من ذلك، فإذا تبت إلى الله تعالى توبة صادقة قبلت توبتك؛ فإن الله سبحانه وتعالى يقول: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53). [الزمر:53].
وللفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 182027، 137818، 3605 .
 والله أعلم.