عنوان الفتوى : حكم سب الدين, وحكم إبدال الدين بالديك, واستخدام لفظ: "دين أمك"
يكثر سب الدين عندنا في مصر، وليس سب الإسلام - سب دين الشخص دون قصد إهانة الإسلام - فهل يكفرون بذلك؟ وما حكم تبديل كلمة الدين بالديك؛ كي لا تقع في المحظور؟ خصوصًا أنه في الحالتين لا يقصد سب الإسلام, واستخدام كلمة دين أمك دون سب؟.
الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسب الدين كفر، ولا عذر فيه بعدم قصده إهانة الدين، سئل الشيخ عليش المالكي: مَا قَوْلُكُمْ فِي رَجُلٍ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ سَبُّ الدِّينِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ, هَلْ يُكَفَّرُ, أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْقَصْدِ, أَوْ لَا يُكَفَّرُ, وَفِي مَنْ فَضَّلَ كَافِرًا عَلَى مُسْلِمٍ هَلْ يُكَفَّرُ أَوْ لَا؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ, وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ, نَعَمْ ارْتَدَّ؛ لِأَنَّ السَّبَّ أَشَدُّ مِنْ الِاسْتِخْفَافِ, وَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ رِدَّةٌ, فَالسَّبُّ رِدَّةٌ بِالْأَوْلَى، وَفِي الْمَجْمُوعِ: وَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلٍ, وَزَلَلِ لِسَانٍ. انْتَهَى.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: كثير من الناس ـ وليس كلهم ـ يسب الدين علنًا، وهو في هذا يزعم أنه لا يقصد سب الدين على الأخص، بل سب الشخص الذي أمامه، فما الحكم؟
ج ـ سب الدين ردة عن الإسلام، قال تعالى: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ {التوبة:65ـ 66} أما سب الشخص المسلم: فهو حرام, وليس ردة؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ {الحجرات: 11} إلى قوله تعالى: وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ.
وأجاب الشيخ العثيمين في فتاوى نور على الدرب: نعم, سب الدين كفر, ولعن الدين كفرٌ أيضًا؛ لأن سب الشيء ولعنه يدل على بغضه وكراهته، وقد قال الله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ـ وإحباط الأعمال لا يكون إلا بالردة؛ لقوله تعالى: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ـ فالمهم أن هذا الذي يسب الدين لا شك في كفره، وكونه يدعي أنه مستهزئ, وأنه لاعب, وأنه ما قصد, هذا لا ينفي كفره، كما قال الله تعالى عن المنافقين: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ـ ثم نقول له: إذا كنت صادقًا في أنك تمزح, أو أنت هازل لست بجاد, فارجع الآن, وتب إلى الله، فإذا تبت قبلنا توبتك، تب إلى الله, وقل: أستغفر الله مما جرى، وارجع إلى ربك، وإذا تبت - ولو من الردة - فإنك مقبول التوبة.
وأما تبديل لفظ الدين بلفظ الديك: فقد جاء في فتاوى دار الإفتاء المصرية: يجرى على ألسنة بعض الفساق عبارة سب الدين، وذلك رِدة وكفر لها حكمها، وأحيانا يقول الشخص: يلعن ديك أمك ـ وحكمه أنه إذا كانت نيته سب الدين, ولكن يتستر بلفظ الديك حتى لا يؤاخذه أحد عليه, فهو مرتد عند الله سبحانه؛ لأن الإنسان يحاسب عند ربه بحسب نيته، أما بالنسبة لنا فلا نحكم عليه بالردة؛ لأننا مأمورون بالحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر، وأحذر هؤلاء من هذه العبارة التي لو تعودوها, فقد يصرحون بسب الدين, وهنا يكون الكفر، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن سب الديك، فقال: لا تسبوا الديك, فإنه يوقظ للصلاة ـ وفي لفظ: فإنه يدعو إلى الصلاة ـ رواه أحمد, وأبو داود, وابن ماجه بإسناد جيد.
وأما كلمة: دين أمك ـ دون السب، فهي كلمة لا معنى لها، وراجع الفتويين رقم: 139248، ورقم: 109503.
والله أعلم.