عنوان الفتوى : مجادلة الليبراليين وهجرهم، مرتبط بالمصلحة
يا شيخ لي صديق ليبرالي ويفتخر بذلك ويقول إن السواك واللحية والجلباب ليست سنة ولا فرضا ولا أي حاجة وعندما آتي له بنصوص يضحك ويقول أبو لهب كان بلحية وجلباب، ويقول لا بد من تغيير الفقه الحالي حتى يناسب زمننا هذا ! وينادي بحرية المرأة ! وآخر ما قاله لي عن ظلم المرأة أن الرجال لهم حور العين والنساء ليس لهن شيء ! هل هذا ومن على شاكلته خارج من ملة الإسلام ؟ وهل تنصحني بالابتعاد عنه وعدم مصاحبته ؟ وهل تنصحني بالاستمرار في نصحه أم الكف عن ذلك ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما ذكرته من حال هذا الرجل هو من الضلال والانحراف البين، ولكن ليس فيما ذكرته عنه كفر، فليس فيه إنكار لأمر معلوم بالضرورة من الدين، أو استهزاء ظاهر بشعيرة متواترة؛ لكن إن كان يصف الله تعالى بالظلم فهذا كفر وتكذيب لله تعالى القائل في محكم آياته : ولا يظلم ربك أحدا ، وعلى أي حال فإن وقع الشخص في فعل كفري لا يحكم عليه بالكفر بعينه حتى تقام عليه الحجة ، فإن التكفير أمره عظيم ، وله ضوابط وشروط ، والكلام فيه مرده لأهل العلم فحسب ، وانظر في هذا الفتويين : 721 65312
وأما هجر مثل هذا الشخص وأمثاله ممن يظهر المقالات المنكرة فهو على الراجح مرتبط بالمصلحة ، فإن خشيت التأثر بمخالطته وجب عليك الابتعاد عنه ، وكذلك إن كان هجره يؤدي إلى استقامته ورجوعه للحق فينبغي هجره حينئئذ . قال ابن تيمية : وهذا الهجر يختلف باختلاف الهاجرين في قوتهم وضعفهم وقلتهم وكثرتهم، فإن المقصود به زجر المهجور وتأديبه ورجوع العامة عن مثل حاله. فإن كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفيته كان مشروعا. وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك بل يزيد الشر والهاجر ضعيف بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته لم يشرع الهجر؛ بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر. والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألف قوما ويهجر آخرين. كما أن الثلاثة الذين خلفوا كانوا خيرا من أكثر المؤلفة قلوبهم لما كان أولئك كانوا سادة مطاعين في عشائرهم فكانت المصلحة الدينية في تأليف قلوبهم، وهؤلاء كانوا مؤمنين والمؤمنون سواهم كثير، فكان في هجرهم عز الدين وتطهيرهم من ذنوبهم، وهذا كما أن المشروع في العدو القتال تارة والمهادنة تارة وأخذ الجزية تارة كل ذلك بحسب الأحوال والمصالح. وجواب الأئمة كأحمد وغيره في هذا الباب مبني على هذا الأصل، ولهذا كان يفرق بين الأماكن التي كثرت فيها البدع كما كثر القدر في البصرة، والتنجيم بخراسان، والتشيع بالكوفة، وبين ما ليس كذلك، ويفرق بين الأئمة المطاعين وغيرهم، وإذا عرف مقصود الشريعة سلك في حصوله أوصل الطرق إليه. اهـ.
وننصحك بعدم مجادلة مثل هذا الرجل إلا مع علم كاف ، حتى لا تُلقى عليك شبهة تشكك وتفسد عليك عقيدتك ، وقد كان أئمة السلف مع سعة علمهم يعرضون عن سماع الشبهات ، فعن معمر قال :كنت عند ابن طاووس وعنده ابن له؛ إذ أتاه رجل يقال له صالح يتكلم في القدر ، فتكلم بشيء فتنبه ، فأدخل ابن طاووس إصبعيه في أذنيه وقال لابنه : أدخل أصابعك في أذنيك واشدد ، فلا تسمع من قوله شيئاً ، فإن القلب ضعيف.اهـ
وقال الإمام الذهبي: أكثر أئمة السلف على هذا التحذير، يرون أن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة. اهـ .
ومن المستحسن أن تحيله على بعض البحوث والمقالات في هذه المسائل والقضايا ، وهي مبثوثة ومنتشرة في مواقع الشبكة العنكبويتة.
والله أعلم.