عنوان الفتوى : حكم إنكار البائع قبض الثمن من المشتري
اشتريت بضاعة من بائع ودفعت ثمنها، وعندما أردت الخروج من المحل أخبرني أنني لم أدفع ثمن هذه البضاعة، وأنا متأكد أنني دفعت ثمنها، لكنه قد يكون لم ينتبه للأمر، لأنه كان مشغولاً مع زبون آخر في نفس الوقت، فأقسمت له أنني دفعت ثمنها وأقسم أنني لم أدفع، فهل في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم أو أصحابه ما يشابه هذه المشكلة؟ وما رأيكم فيها؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لم نطلع بعد البحث على حصول مثل هذه المشكلة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما وجدنا قصة تفيد تورع المتبايعين وتدافعهما للمال الذي يشك كل منهما أنه ليس له، ففي البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشترى رجل من رجل عقارا، فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار خذ ذهبك مني، إنما اشتريت منك الأرض ولم أبتع منك الذهب، وقال الذي باع الأرض إنما بعتك الأرض وما فيها، قال فتحاكما إلى رجل فقال الذي تحاكما إليه ألكما ولد قال أحدهما لي غلام، وقال الآخر لي جارية، قال أنكح الغلام الجارية وأنفقوا على أنفسهما منه وتصدقا.
وأما في مثل حالكما: فالقول قول البائع مع يمينه، وقد دل على ذلك ما ورد عن ابن عَبَّاسٍ ـ رضي الله عنهما ـ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو يُعْطَى الناس بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ على الْمُدَّعَى عليه. رواه البخاري ومسلم.
وفي رواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، ولكن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر. رواه البيهقي، وإسنادها حسن، كما قال الحافظ في فتح الباري.
ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: إذا اختلف المتبايعان فالقول ما قال البائع أو يترادان. رواه أحمد وأصحاب السنن.
وقال التسولي في شرح التحفة عند قول الناظم:
وليمينٍ أيما إعمال فيما يكون من دعاوى المال.
قال: وشمل قوله دعاوى: دعوى تعمير الذمة، أو إخلائها، كقوله: قضيتك، أو دعوى البيع، أو الشراء، أو الإجارة، أو العارية ونحو ذلك، فإن القول لمنكر العقد إجماعا مع يمينه. اهـ.
وفي القاعدة الفقهية: الذمة إذا عمرت بيقين فلا تبرأ إلا بيقين ـ وقد ذكر الونشريسي أن من فروعها: من شك في أداء ما عليه من الدين.
والله أعلم.