عنوان الفتوى : تقدم شخص للزواج بفتاة ، وتسأل عن إمكانية مقابلته برفقة شخص غير مسلم ، حيث إنها منقطعة عن أهلها
أنا فتاة من عائلة مسلمة ، ولكن لم تكن نشأتي إسلامية حيث لم أعتنق الإسلام إلا في السنة الماضية ، وهناك شاب تعرفت عليه قبل 5 سنوات وهو يود التقدم للزواج مني ، ولكن المشكلة هي أنه لا يوجد لي ولي أمر ، فآخر تواصل كان لي مع أبي كان قبل أكثر من 5 سنوات ، وقد أخبرني هذا الشاب أنه من الأفضل أن يلتقي معي بضع مرات قبل إتمام أمر الزواج ، ولكنني وضحت له أنني لن ألتقي به دون أن يكون معي شخص يرافقني أثناء لقائي به ، ولكن المدينة التي أعيش فيها تكاد تخلو من المسلمين ، ومعظم معارفي فيها من غير المسلمين ، أنا أعلم أنه يمكنني توكيل إمام المسجد ليكون ولي أمري ، ولكنني لا أدري من أختار ليكون مرافقي في هذه الحالة ، مع العلم أنه إن شاء الله تعالى سيكون وضعي أفضل بعد بضعة أشهر ، وقد أخبرت الشاب أنني أفضل أن يكون الشخص الذي سيرافقني أثناء لقائي معه مسلماً ، ولكنه قال لي : إن ذلك ليس شرطاً ، وأنه يمكن أن أصطحب معي أي شخص أثق به ليكون معي أثناء لقائي به وإن كان هذا الشخص من غير المسلمين . فهل يجوز لي أن أصطحب معي شخصاً من غير المسلمين أثناء لقائي مع هذا الشاب فأنا لا أشعر بالارتياح لهذه الفكرة ولكنه مصر أنه ذلك يجوز؟ أنا أعلم أنني أخطأت حين قبلت التعرف منذ البداية على هذا الشاب ولكن أسأل الله تعالى أن يغفر لي .
الحمد لله
هنيئا لك أيتها السائلة ما منَّ الله سبحانه وتعالى به عليك من الهداية والتوفيق
للتمسك بأحكام الإسلام وشرائعه وأخلاقه وآدابه ، ونسأل الله سبحانه لك دوام
الاستقامة على أمر الله سبحانه ، وأن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن .
أما بخصوص الزواج من هذا الشخص أو غيره فلا يجوز دون ولي ، لأن الولي من شروط صحة
العقد كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (99696).
وانقطاعك عن أبيك منذ فترة ليس بعذر لك في الزواج بدون ولي ، هذا بالإضافة إلى أن
هجر الوالد هذه الفترة أمر محرم ، بل كبيرة من الكبائر ، لما فيه من العقوق وقطع
الرحم ، وقد سبق أن بينا أن هجر الوالد وترك صلته أمر محرم ، مهما فعل الوالد من
الإساءة والتقصير ، فكيف إذا كان السبب في ذلك عائدا إلى الابن ؟!
وينظر الفتوى رقم : (87802).
فالنصيحة لك أن تسارعي بالتواصل مع أبيك ، والإحسان إليه ، والاعتذار عما حدث منك
من تقصير وإساءة ، ثم تعلمينه بشأن هذا الخاطب ، فإن شاء باشر هو العقد بنفسه ما
دام مسلما ، وإن شاء وكَّل غيره في مباشرة العقد ، أما أن تتجاوزي والدك ، وتوكلين
غيره ، سواء أكان إمام المسجد أو غيره فهذا لا يجوز ، بل ذهب أهل العلم إلى أن
المرأة إذا زوَّجها وليها الأبعد ، كالأخ ، مع وجود الأقرب ، كالأب لم يصح النكاح ،
كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (135233) .
فعقد الأجنبي مع وجود الولي لا يصح من باب أولى .
أما ما يطلبه هذا الشاب من رؤيتك ولقائك قبل الزواج فهذا في الأصل أمر مشروع ، وقد
سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (2572).
ولكن أن تذهبي إليه ليراك بمفردك فهذا لا يجوز ؛ خصوصا إذا ترتب على ذلك خلوة ؛ لأن
الخلوة بالمرأة محرمة كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (94019) .
وكذا ذهابك إليه مع غير مسلم لا يجوز أيضا ؛ لأن تعاملك مع شخص أجنبي غير مسلم لا
يجوز ، وهو باب كبير من أبواب الفتنة والفساد .
والنصيحة لك في هذا المقام : أن تسارعي أولا بالاتصال بوالدك وإعلامه بهذا الأمر ،
ولتنتظري رأيه ، فإن وافق على لقائك بهذا الشاب ، فيكون ذلك بتدبير من والدك ،
وحضوره ، أو مرافقته .
فإن تعذر ذلك ، وكل هو بعض محارمك في تدبير ذلك ، ومرافقتك فيه .
فإن تعذر ذلك أيضا ، جاز لك أن تقابليه برفقة بعض المسلمين الثقات المؤتمنين ،
ونقترح لك إمام المسجد ، أو بعض القائمين على المركز الإسلامي الكائن بمحيطكم ،
وليكن التواصل واللقاء بينك وبين هذا الشاب بعد ذلك من خلال هذا الإمام أو القائمين
على المركز الإسلامي ؛ لأن تعاملك المباشر معه باب من أبواب الشر ، وذريعة كبيرة
إلى الفساد .
فإن حدث بينكما قبول وجاء وقت العقد فالأمر كما سبق بيانه ، إما أن يأتي أبوك
لمباشرة العقد ، وإما أن يوكِّل والدك غيره في تزويجك بدلا عنه ، سواء أكان هذا
الغير من أقاربك أم من غيرهم.
وننبهك في النهاية على أمر هام ، وهو أنه يشترط في هذا الشاب الذي تقدم لخطبتك أن
يكون مسلما عفيفا ؛ لأن المسلمة لا يجوز لها الزواج إلا من مسلم عفيف كما سبق بيانه
في الفتوى رقم : (85335) ، والفتوى رقم : (118098) .
ومن باب أولى : ألا يجوز لها الزواج بغير مسلم ، فهذا محرم ، ونكاح باطل بالإجماع .
والله أعلم .