عنوان الفتوى : بين معنى حديث "...عامة من دخلها المساكين.."
سمعت أحد الأئمة يفسر حديث: "مررت على الجنة فوجدت أكثر أهلها المساكين". وحديث: "المساكين يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم". ففسر المساكين بأنهم المتواضعون ما صحة هذا التفسير؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قمت على باب الجنة، فكان عامة من دخلها المساكين، وأصاحب الجَدّ محبوسون، غير أن أصحاب النار قد أمر بهم إلى النار. وقمت على باب النار، فإذا عامة من دخلها النساء".
وفي الصحيحين أيضاً: "اطلعت في الجنة، فرأيت أكثر أهلها الفقراء".
وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بأربعين خريفاً".
ولا تعارض بين هذه الأحاديث، فإن الفقراء هم أهل التواضع والمسكنة غالباً، وقد جاء في شأن التواضع وفضل المتواضعين ما رواه البخاري ومسلم من حديث حارثة بن وهب قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ألا أخبركم بأهل الجنة: كل ضعيف متضعِّف، لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار: كل عتل جواظ مستكبر".
قال النووي -رحمه الله-: ضبطوا قوله متضعف بفتح العين وكسرها. المهشور الفتح، ولم يذكر الأكثرون غيره، ومعناه: يستضعفه الناس ويحتقرونه، ويتجبرون عليه لضعف حاله في الدنيا، يقال: تضعّفه واستضعفه، وأما رواية الكسر فمعناها: متواضع متذلل خامل واضع من نفسه.
قال القاضي: وقد يكون الضعف هنا: رقة القلوب ولينها وإخباتها للإيمان، والمراد أن أغلب أهل الجنة هؤلاء، كما أن معظم أهل النار القسم الآخر، وليس المراد الاستيعاب في الطرفين. انتهى
والله أعلم.