عنوان الفتوى : حكم ترك نصيحة الكافر خوفا من رده ردا غير لائق
هل ترك المسلم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للكافر خوفا من إحراج الكافر له كأن يقول إنه متشدد، أو لا تتدخل في ما لا يعنيك، أو خوفا من الرد المحرج الذي قد يتعرض له مما يكفر به المسلم، لأنه قد يعتبر من المداهنة على حساب الدين؟ وماذا تعني المداهنة على حساب الدين؟ يرجى ذكر أمثلة عليها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أن ترك إنكار المنكر معصية لا كفر، فراجع الفتوى رقم: 150715.
وبينا أيضاً معنى المداهنة المحرمة، وصوراً لها بالفتوى رقم: 205021، فراجعها.
وراجع أيضا الفتويين رقم: 138579، ورقم: 100652.
ويتبين من الفتاوى السابقة أنه ليس كل مداهنة كفراً، وما ذكرته من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لسبب من الأسباب المذكورة لا يعد كفرا، وإن عد ـ في حال وجوبه ـ حراما وإثما، واعلم أن مجرد هيبة الناس ليست عذراً في ترك الإنكار، روى أحمد، وابن ماجه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَحْقِرْ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَحْقِرُ أَحَدُنَا نَفْسَهُ؟ قَالَ: يَرَى أَمْرًا لِلَّهِ عَلَيْهِ فِيهِ مَقَالٌ، ثُمَّ لَا يَقُولُ فِيهِ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَ فِي كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: خَشْيَةُ النَّاسِ، فَيَقُولُ: فَإِيَّايَ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ تَخْشَى. صححه البوصيري، وضعفه الألباني.
وبكي أبو سعيد وقال قد والله رأينا أشياء فهبنا.
وفي رواية لأحمد: فإنه لا يقرب من أجل، ولا يباعد من رزق أن يقال بحق، أو يذكر بعظيم.
وعنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله ليسأل العبد يوم القيامة حتى يقول ما منعك إذ رأيت المنكر أن تنكره، فإذا لقن الله عبدا حجته قال يا رب رجوتك وفرقت من الناس. رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني.
قال ابن رجب: فهذان الحديثان محمولان على أن يكون المانع له من الإنكار مجرد الهيبة دون الخوف المسقط للإنكار. انتهى.
والله أعلم.