عنوان الفتوى : حكم ابتلاع ما لا يؤكل عادة في نهار رمضان
ما حكم ابتلاع شيء لا طعم له في نهار رمضان عمدًا؛ بحيث إنه يدخل في الفم ويبتلع، ولو لم يشاهد بالعين لما علم بدخوله؟ أرجو أن يكون الرد واضحًا فأنا مبتلاة بالوسواس القهري، ولا أريد أن أوسوس في صيامي أكثر من ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك العافية، وننصحك بضرورة ترك الوساوس, وعدم الاسترسال معها والالتفات إليها؛ وراجعي لزامًا الفتاوى أرقام: 3086، 188793، 134196.
ثم اعلمي أن سؤالك بحاجة إلى إيضاح فقولك: بحيث إنه يدخل في الفم ويبتلع، ولو لم يشاهد بالعين لما علم بدخوله. يحتاج إلى شرح، ولكن إن كنت تسألين عن حكم ابتلاع ما لا يؤكل عادة في نهار رمضان, فالجواب أن كلما وصل إلى جوف الصائم مما يؤكل عادة، ومما لا يؤكل فإنه يبطل صومه.
قال الشيرازي في المهذب: فإن استف ترابًا، وابتلع حصاة، أو درهماً أو ديناراً بطل صومه؛ لأن الصوم هو الإمساك عن كل ما يصل إلى الجوف، وهذا ما أمسك, ولهذا يقال: فلان يأكل الطين، ويأكل الحجر؛ ولأنه إذا بطل الصوم بما يصل إلى الجوف مما ليس يؤكل كالسعوط، والحقنة وجب أيضاً أن يبطل بما يصل مما ليس بمأكول.
وعزاه النووي في شرحه على المهذب إلى عامة السلف، والخلف.
قال النووي في المجموع شرح المهذب: {فَرْعٌ} لَوْ ابْتَلَعَ شَيْئًا يَسِيرًا جِدًّا كَحَبَّةِ سِمْسِمٍ، أَوْ خَرْدَلٍ وَنَحْوِهِمَا أَفْطَرَ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا, وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ, وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: يُفْطِرُ عِنْدَنَا، وَلَا يُفْطِرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا قَالَ فِي الْبَاقِي فِي خَلَلِ الْأَسْنَانِ.
وعليه فدخول شيء ولو قليلًا - ولو بلا طعم - عمدًا يُفطِّرُ الصائم.
أما إذا لم يكن مختارًا فلا يُفطِرُ بذلك, قال البخاري في صحيحه: باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا، وقال عطاء: إن استنثر فدخل الماء في حلقه لا بأس إن لم يملك, وقال الحسن: إن دخل حلقه الذباب فلا شيء عليه.
ولكن لا بد من تحقق دخوله، لا سيما مع الوسوسة، فلا تلتفتي للوسوسة بدخول شيء إلا أن تتحققي ابتلاع شيء من ذلك مع تعمده.
والله أعلم.