عنوان الفتوى : حكم الاشتغال بالدعوة والإفتاء لمن في سن الخامسة عشرة
أنا شاب عمري 15 عاما، تعلمت ـ والحمد لله ـ الكثير من الأحاديث والسنة والفقه والقرآن الكريم، فهل يجوز أن أكون داعية وأنا في هذا السن؟ كما أنزل بوستات على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل من عنده سؤال في الدين، وأجيب عليه من القرآن والسنة وكلام أهل العلم. فهل يجوز أن أجيب على الأسئلة دون أن تكون معي إجازة في الفتوى من الأزهر، وهل يجوز لي أن أعمل برامج وفيديوهات إذاعية وأنزلها على الأنترنت بصوتي؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكل من علم شيئاً من الدين، شُرِع له أن يدعوَ إليه، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بلغوا عني ولو آية. رواه البخاري.
ولم يزل الأئمة يدعون إلى الله في شبابهم، وحداثة سنهم، كالشافعي، وغيره، وراجع قصة الشاب الداعية الذي فتح الله به بيضة الإسلام ـ المدينة النبوية ـ وهو مصعب بن عمير في الفتوى رقم: 16433.
وأي وظيفة أشرف من ذلك، والله يقول: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ {فصلت:33}.
وعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ـ فَقَالَ: هَذَا حَبِيبُ اللَّهِ، هَذَا وَلِيُّ اللَّهِ، هَذَا صَفْوَةُ اللَّهِ، هَذَا خِيَرَة اللَّهِ، هَذَا أَحَبُّ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَى اللَّهِ، أَجَابَ اللَّهُ فِي دَعْوَتِهِ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَى مَا أَجَابَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ دَعْوَتِهِ، وَعَمِلَ صَالِحًا فِي إِجَابَتِهِ. اهـ
وأما إجابة الأسئلة دون فتوى من الأزهر: فلا يخلو الأمر من حالين:
1ـ أن تُفتي بنفسك، فلا بد من استكمال شروط الاجتهاد.
2ـ أن تنقل فتاوى أهل العلم، فتكفي العدالة، والضبط كسائر الأخبار.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 34462، 2481، 50204.
وأما عمل فيديوهات إذاعية بصوتك للدعوة إلى الله: فلا حرج في ذلك، بل هو دعوة إلى الخير بشرط أن تُتقن وتحسن المسائل، فالأصل أن تدل على غيرك من العلماء والدعاة والفقهاء، وتنشر لهم علومهم، فإن وجدت شيئاً لم يُعالج معالجة كافية، فيمكنك المشاركة في ذلك، فأما مجرد مزاحمة المواد الدعوية للدعاة، بمواد تنشرها لنفسك، ليس فيها جديد، فقد يدخل في قول الله تعالى: فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى {النجم:32}.
وراجع للفائدة الفتويين رقم: 14585، ورقم: 179795.
نسأل الله أن يجعلك هادياً مهدياً، وطالما أنك تتصدر للدعوة، فنوصيك بضرورة الاهتمام بلغتك العربية، وتجنب اللحن والتصحيف.
والله أعلم.