عنوان الفتوى : مصعب بن عمير...الأنموذج القدوة للشباب
أريد معرفة قصة مصعب بن عمير
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه نبذة موجزة عن الصحابي الجليل مصعب بن عمير القرشي رضي الله عنه وأرضاه، مستقاة من ترجمته في كتاب أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير والإصابة في تمييز الصحابة للحافظ ابن حجر .
كان مصعب بن عمير من فضلاء الصحابة وخيارهم ومن السابقين إلى الإسلام، أسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم، وكتم إسلامه خوفاً من أمه وقومه، وكان يختلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سراً فبصر به عثمان بن طلحة يصلي، فأعلم أهله وأمه فأخذوه فحبسوه فلم يزل محبوساً إلى أن هاجر إلى أرض الحبشة وعاد منها إلى مكة، ثم هاجر إلى المدينة بعد العقبة الأولى، ليعلم الناس القرآن ويصلي بهم، فكان أول سفير في الإسلام. وقد انتفع به الناس فآمن على يديه كثير من كبار الصحابة كأسيد بن حضير و سعد بن معاذ وغيرهما.
و مصعب بن عمير ممن اشترى الآخرة بالدنيا، وترك النعيم الذي كان يتمتع به في الدنيا ليحظى بنعيم الآخرة. فقد كان أحسن شباب مكة لباساً وأطيبهم رائحة وأنعمهم جسماً، لكنه بعد إسلامه تغير حاله حتى قال سعد بن أبي وقاص " لقد رأيته جهد في الإسلام جهداً شديداً حتى قد رأيت جلده يتحشف كما يتحشف جلد الحية" وروى الترمذي وغيره عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال "إنا لجلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، إذ طلع علينا مصعب بن عمير وما عليه إلا بردة مرقومة بفرو، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى للذي كان فيه من النعمة والذي هو فيه اليوم، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف بكم إذا غدا أحدكم في حلة وراح في حلة، ووضعت بين يديه صحفة ورفعت أخرى، وسترتم بيوتكم كما تستر الكعبة. قالوا: يا رسول الله، نحن يومئذ خير منا اليوم نتفرغ للعبادة ونكفى المؤنة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "أنتم اليوم خير منكم يومئذ" .
و مصعب بن عمير ينبغي أن يكون قدوة لكل شاب مترف يتقلب في نعمة الله تعالى وأراد الرجوع إلى الله، فمصعب باع الدنيا بالآخرة، وآثر النعيم المقيم على النعيم الزائل، فهو ممن يشمله قوله تعالى(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) [الأحزاب:23]، وفي الصحيحين عن خباب رضي الله عنه قال: هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نبتغي وجه الله ووجب أجرنا على الله، فمنا من مضى ولم يأكل من أجره شيئاً، منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد فلم نجد شيئاً نكفنه فيه إلا نمرة، كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، فإذا غطينا رجليه خرج رأسه، فأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نعطي رأسه بها، ونجعل على رجليه إذخرا، ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهذبها- يجنيها- انتهى.
هكذا كانت خاتمة هذا الصحابي الجليل: الشهادة في سبيل الله.
نسأل الله تعالى أن يحيينا حياة السعداء ويميتنا موت الشهداء ويرزقنا مرافقة الأنبياء.
والله أعلم.