عنوان الفتوى : حكم القطرات المتبقية في الذكر بعد البول
الرجاء الإجابة على سؤالي هذا، وأن ينشرح صدرك لي: أنا ـ والحمد لله رب العالمين، ومن فضل الله سبحانه وتعالى علي ـ كنت أحافظ على وضوئي من صلاة الضحى، وقد يصل الأمر إلى المغرب أو العشاء دون أن ينتقض فترة تقرب من سنتين حتى أصبحت تبقى من البول نقط يسيرة بعد الانتهاء، وكثيرا ما بعد أن أنهي الصلاة أجد آثارا مما جعلني أعيد الصلاة، وبحثت كثيرا عن الأسباب والعلاج في موقعكم وغيره وجربت علاجات من النتر وغيره ـ غير أنني لم أسر على علاج كامل ـ وعملت تحليلا ووجدت نسبة أملاح الكالسيوم بنسبة بسيطة لا أظنها تكون السبب، مع العلم أن عمري أقل من 25 عاما، ولم أتزوج بعد حتى لا تظن أنها أعراض بروستاتا، والآن أصبح الموضوع أقل بفضل الله تعالى، وأصبحت أجلس وأعصر القضيب حتى تنتهي القطرات وأقف ثم أجلس وأحاول أن أستغفر في نفسي عددا معينا كتوقيت زمني حتى يغلب على ظني توقف القطرات، ثم أغمر فرجي بالماء وأخرج، وهذا جعلني أتأخر عن عملي وعن مواعيد كثيرة، وصارت عندي مشكلة من ملاحظة أهلي لجلوسي الطويل في الخلاء، وأخاف أن أعتكف لأجل هذا الحرج، فهل هناك إجابة أو شيء يريحني؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه القطرات المتبقية لا يلزمك إخراجها، طالما أنها لم تخرج، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: التَّنَحْنُحُ بَعْدَ الْبَوْلِ وَالْمَشْيُ وَالطَّفْرُ إلَى فَوْقٍ وَالصُّعُودُ فِي السُّلَّمِ، وَالتَّعَلُّقُ فِي الْحَبْلِ وَتَفْتِيشُ الذَّكَرِ بِإِسَالَتِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، كُلُّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ لَيْسَ بِوَاجِبِ وَلَا مُسْتَحَبٍّ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، بَلْ وَكَذَلِكَ نَتْرُ الذَّكَرِ بِدْعَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ لَمْ يُشَرِّعْ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ سَلْتُ الْبَوْلِ بِدْعَةٌ لَمْ يُشَرِّعْ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ فِي ذَلِكَ ضَعِيفٌ لَا أَصْلَ لَهُ، وَالْبَوْلُ يَخْرُجُ بِطَبْعِهِ، وَإِذَا فَرَغَ انْقَطَعَ بِطَبْعِهِ، وَهُوَ كَمَا قِيلَ: كَالضَّرْعِ إنْ تَرَكْته قَرَّ، وَإِنْ حَلَبْته دَرَّ ـ كُلَّمَا فَتَحَ الْإِنْسَانُ ذَكَرَهُ فَقَدْ يَخْرُجُ مِنْهُ وَلَوْ تَرَكَهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ، وَقَدْ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ وَهُوَ وَسْوَاسٌ وَقَدْ يُحِسُّ مَنْ يَجِدُهُ بَرْدًا لِمُلَاقَاةِ رَأْسِ الذَّكَرِ فَيَظُنُّ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَمْ يَخْرُجْ، وَالْبَوْلُ يَكُونُ وَاقِفًا مَحْبُوسًا فِي رَأْسِ الْإِحْلِيلِ لَا يَقْطُرُ، فَإِذَا عَصَرَ الذَّكَرَ أَوْ الْفَرْجَ أَوْ الثُّقْبَ بِحَجَرِ أَوْ أُصْبُعٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ خَرَجَتْ الرُّطُوبَةُ، فَهَذَا أَيْضًا بِدْعَةٌ وَذَلِكَ الْبَوْلُ الْوَاقِفُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إخْرَاجٍ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ لَا بِحَجَرِ وَلَا أُصْبُعٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ، بَلْ كُلَّمَا أَخْرَجَهُ جَاءَ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ يَرْشَحُ دَائِمًا، وَالِاسْتِجْمَارُ بِالْحَجَرِ كَافٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى غَسْلِ الذَّكَرِ بِالْمَاءِ، وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ اسْتَنْجَى أَنْ يَنْضَحَ عَلَى فَرْجِهِ مَاءً، فَإِذَا أَحَسَّ بِرُطُوبَتِهِ قَالَ: هَذَا مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ. اهـ.
فالمشروع لك ـ أخي السائل ـ في الاستتنجاء أن تغسل المخرج بالماء، أو تمسحه بمنديل ونحوه من الطاهرات فقط, ولا يلزمك أن تفتش ملابسك بعد انقطاع البول، والأصل في الذكر أنه بعد البول يقلص فهو كالضرع إن تركته قلص وإن حلبته در كما ذكر شيخ الإسلام, ولو فرض نزول شيء لم تعلم به، فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وإذا كان البول يستمر في الخروج حقيقة وليس وسوسة، وكان له وقت ينقطع فيه ـ كما ذكرت ـ فانتظر وقت انقطاعه ثم استنج بعد ذلك وتوضأ وصلِّ، ولا تطالب بأكثر من هذا، قال شيخ الإسلام: وَأَمَّا مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ ـ وَهُوَ أَنْ يَجْرِيَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ لَا يَنْقَطِعُ ـ فَهَذَا يَتَّخِذُ حِفَاظًا يَمْنَعُهُ، فَإِنْ كَانَ الْبَوْلُ يَنْقَطِعُ مِقْدَارَ مَا يَتَطَهَّرُ وَيُصَلِّي وَإِلَّا صَلَّى، وَإِنْ جَرَى الْبَوْلُ كَالْمُسْتَحَاضَةِ تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. اهـ.
والله أعلم.