عنوان الفتوى : يكتفى بقول المرأة الواحدة في ثبوت الرضاع
أنا امرأة رباني عمي المتزوج من خالتي بعد وفاة والدي ـ رحمه الله ـ وتزوجت من ولد ابن عم أمي، وبعد وفاة عمي الذي رباني كنا مع خالتي وبناتها خطوة خطوة نشد من أزرهم، وكبرت البنات وتحجبن من زوجي مع أن زوجي أصبح الشيب يعلوه، ونحن أسرة محافظة، وهناك صعوبة في تحركات زوجي في البيت عند زيارتهم لنا، اكشفت أم زوجي أن والدتها أرضعت خالتي ـ أم البنات ـ مع أختي، لتصبح أختها من الرضاعة، ثم كشفت عن شيء آخر وهو أن زوجي رضع من جدته، وكان الحليب قد خف منها، وكانت تقول إنها رأت الحليب مرة يقطر، وكانت أم زوجي تخرج لبعض الأشغال وتترك زوجي عند والدتها، وكانت قد مضت سنوات على إنجاب جدته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل سؤالك الذي لم تفصحي عنه هو: هل يكون زوجك أخا لخالتك وخالا لبناتها بسبب ما أخبرت به أم زوجك من إرضاع أمها لخالتك وزوجك؟ فجوابا عن هذا السؤال نقول: إن الراجح من أقوال أهل العلم فيما تثبت به الرضاعة هو قول الحنابلة القائلين بأنها تثبت بشهادة المرأة الواحدة، لحديث عُقْبَة بْن الْحَارِثِ في صحيح البخاري قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فَجَاءَتْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ أَرْضَعْتُكُمَا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ فَجَاءَتْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ لِي إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، وَهِيَ كَاذِبَةٌ، فَأَعْرَضَ عَنِّي فَأَتَيْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ قُلْتُ إِنَّهَا كَاذِبَةٌ ،قَالَ كَيْفَ بِهَا وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا؟ دَعْهَا عَنْكَ.
قال ابن قدامة في المغني: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ. انتهى.
وراجعي الفتوى رقم: 28816.
فما دامت أم زوجك قد صرحت بأن أمها قد أرضعتهما، وكانت الرضعات خمسا، فرضاعها لهما صحيح، لما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ، بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ.
مع التنبيه على أن الرضاع لا ينشر الحرمة إلا إذا كان في الحولين، كما سبق في الفتوى رقم: 111888.
ولا يؤثر في صحة الرضاع كونه وقع بعد سنوات من إنجاب جدة زوجك لآخر ولد ما دام أنه قد بقي بها لبن، فقد جاء في الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين رحمه الله: فالصواب إذاً أن لبن المرأة محرم سواء صار ناتجاً عن حمل أو عن غير حمل، فلبن البكر محرم، ولبن العجوز التي ليس لها زوج وأيست محرم. انتهى.
والرضعة الواحدة يرجع في قدرها إلى ما تعارف عليه الناس عادة، قال ابن قدامة في المغنى: وَالْمَرْجِعُ فِي مَعْرِفَةِ الرَّضْعَةِ إلَى الْعُرْفِ، لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِهَا مُطْلَقًا، وَلَمْ يَحُدَّهَا بِزَمَنِ وَلَا مِقْدَارٍ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ رَدَّهُمْ إلَى الْعُرْفِ، فَإِذَا ارْتَضَعَ الصَّبِيُّ، وَقَطَعَ قَطْعًا بَيِّنًا بِاخْتِيَارِهِ، كَانَ ذَلِكَ رَضْعَةً، فَإِذَا عَادَ كَانَتْ رَضْعَةً أُخْرَى. انتهى.
فالخلاصة أن مدار الحكم في هذه المسألة على وجود اللبن وعدد الرضعات، فإن تيقن وجود اللبن وحصول خمس رضعات معلومات انتشرت الحرمة، واعتبر زوجك محرما لخالتك وبناتها، وللفائدة يرجى مراجعة الفتويين رقم: 203086، ورقم: 52835.
والله أعلم.