عنوان الفتوى : هل الزواج بمن لا يصلي زنا ، وما الوصف الشرعي للأبناء في هذه الحالة ؟
ما هي صفة العلاقة بين امرأة وزوج لا يصلي على الأغلب ، فهل تعتبر زنا ؟ وما الواجب على المرأة أن تفعله في هذه الحالة ؟ وما وصف الشرع للأبناء في هذه الحالة ؟
الحمد لله.
أولاً :
الواجب على المرأة أن تختار الرجل الصالح المرضي دينا وخُلقاً ، والصلاة من أعظم أركان الدين بل هي الركن الثاني في الإسلام ، فلا يحل للمرأة أن تقبل الزواج برجل لا يصلي ويفرط في عمود الدين !!.
ثانياً :
إذا تزوجت المرأة رجلاً لا يصلي بتاتاً ، ففي صحة هذا النكاح
خلاف بين العلماء ، وجمهور أهل العلم على أن العقد صحيح ؛ لأن
تارك الصلاة غيرُ الجاحد لها مسلم فاسق وليس بكافر .
وذهب بعض العلماء إلى أن هذا العقد باطل؛ لأن تارك الصلاة
بالكلية كافر وليس بمسلم ، وقد سبق بيان هذه الأقوال وتفصيلها
في جواب السؤال : (194309).
ولكن على كل الأحوال : من تزوجت رجلاً تاركًا للصلاة بناءً على
اعتقادها أنه لا يكفر بتركه للصلاة ، أو كانت لا تعلم هذا الحكم
، أو كانت الفتوى في بلادها أن تارك الصلاة مسلم عاصٍ وقلدت من
قال بهذا من أهل العلم ، ففي هذه الحال لا يُحكم على عقدها
بالبطلان.
وحتى على القول بأن نكاح تارك الصلاة باطل ؛ فإن النكاح المذكور
في السؤال لا يوصف بأنه " زنا " ، لأنه محل خلاف معتبر بين أهل
العلم ، ومثل هذا لا يوصف بالزنا .
ثالثاً :
إذا كان الزوج يصلي أحياناً ، فالأرجح أنه لا يحكم بكفره ، وقد
سبق بيان هذا في جواب السؤال (109220).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " إن كثيراً من الناس ،
بل أكثرهم ، في كثير من الأمصار ، لا يكونون محافظين على
الصلوات الخمس ، ولا هم تاركيها بالجملة ، بل يصلون أحياناً ،
ويدعون أحياناً ، فهؤلاء فيهم إيمان ونفاق ، وتجري عليهم أحكام
الإسلام الظاهرة في المواريث ونحوها من الأحكام " انتهى من
"مجموع الفتاوى" (7/617).
رابعاً :
كل عقدٍ للنكاح تم باعتقاد الزوجين صحته ، إما جهلا بالحكم ، أو
تقليداً لمن قال بصحته من أهل العلم ، فهو نكاح تترتب عليه
آثاره الشرعية ، وينسب فيه الأبناء لآبائهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " فإن المسلمين متفقون على أن كل
نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ ، إذا وطيء فيه فإنه يلحقه فيه
ولده ، ويتوارثان ، باتفاق المسلمين ... فإن ثبوت النسب لا
يفتقر إلى صحة النكاح " .
وقال: " ومن نكح امرأة نكاحاً فاسداً متفقاً على فساده ، أو
مختلفاً في فساده ، ووطئها يعتقدها زوجته : فإن ولده منها يلحقه
نسبه ، ويتوارثان ، باتفاق المسلمين " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (34/13).
وقال : " لَا يَجِبُ فِي هَذَا النِّكَاحِ حَدٌّ إذَا اعْتَقَدَ
صِحَّتَهُ ، بَلْ يُلْحَقُ بِهِ النَّسَبُ ، وَيَجِبُ فِيهِ
الْمَهْرُ".
انتهى من "الفتاوى الكبرى" (3/132).
خامساً :
إذا كان الزوج تاركاً للصلاة في أغلب أحواله ، فالواجب على
المرأة نصحه ووعظه وتخويفه بالله ، حتى يقلع عن هذا الذنب
العظيم ، والذي هو كفر عند جمع من أهل العلم .
وعليها أن لا تيأس من تكرار النصيحة له والموعظة .
والنصيحة لكل من كانت تحت زوج لا يصلي أبدا وأمكنها الاستغناء
عنه أن تستغني عنه.
والله أعلم .