عنوان الفتوى : حكم هجر الجار الذي يسيء إلى جاره ويرفض الصلح
أحد الجيران في الحي يبعد بيته عن بيتي حوالي نصف كيلو أو يزيد، وكنت أنا وهو في أحسن حالتنا الأخوية ونمازح بعضنا، وخاصة بعد الصلاة ونحن في المسجد، ومرت الأيام وأحسست أننا نزعج المصلين في المسجد، فعزمت على أن لا أمزح معه في المسجد حين يجلس في آخر المسجد خشية الكلام أو المزح، فأكون قد أزعجت المصلين، وعندما أنتهي من الصلاة أخرج دون النظر أو السلام عليه، ومرت فترة فتغير وأصبح لا يقبل مني الكلام ولا السلام، وحين أقصده يتركني ويصلي أو ينصرف عني، وأسلم عليه فلا يرد علي، فأرسلت ابني ليتقصى أمره، فسأله، هل بينك وبين الوالد شيء؟ قال لا، لكن أبوك يغضب من المزح، ولست كما قال، وبالأمس صليت راتبة المغرب فسمعته يمازح أحد الجيران، فأشرت إليه بيدي بعد أن انتهيت من الصلاة، وقلت نحن في صلاة وفي المسجد، فغضب مني فسارعت إليه وكان مع ثلاثة من الجيران وسلمت عليه فلم يرد، ومددت يدي إليه بقصد السلام فامتنع أن يمد يده وتكلم علي ورفع صوته بقوله أنت تسكت الرجال، فقلت لا، ثم استمر في الكلام فتركته وتلوت جزءا من الآية التي فيها إن المؤمنين يقولون سلاما لمن خاطبهم بجهل وتركته وجهله علي، علما بأنني تصرفت كثيرا في أمور عدة لإرجاع الأمور بيني وبينه، فلم تفلح تلك الجهود ولا يزال على عناده، ولو استمررت في جهودي فقد يلحقني منه الكلام والإهانه والتحقير، وربما تطور الأمر إلى أكثر من الحاصل، وسؤالي: هل علي إثم لو تركته على حاله وابتعدت عنه لكي أحفظ كرامتي وماء وجهي وأبتعد عن المشاكل معه، حيث إن الأمر تطور إلى إهانتي وعدم القيام بما أوجبه الله عليه نحوي من الحقوق كأخ مسلم له، ومنها رد السلام وكف الإهانة؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكلام في المسجد، مكروه عند أكثر العلماء، وراجع الفتويين رقم: 126039، ورقم: 50606.
وأما إذا بلغ الأمر التشويش على المصلين فيحرم، ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: وإياكم وهيشات الأسواق.
وعن أبي سعيدٍ قالَ: اعتَكفَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ في المسجدِ فسمِعَهم يجْهَرونَ بالقراءةِ، فَكشفَ السِّترَ وقالَ: ألا إنَّ كلَّكم مُناجٍ ربَّهُ، فلا يؤذِيَنَّ بعضُكم بعضًا، ولا يرفعْ بعضُكم على بعضٍ في القراءةِ، أو قالَ في الصَّلاةِ. رواه أبو داود وصححه الألباني.
فإذا كان هذا في القراءة، فكيف بغيرها من الكلام، وعليه فامتناعك عن ذلك مشروع.
وأما عن ترك مخالطة جارك والحال ما ذكرت من إهانته لك ونحو ذلك: فلا حرج فيه، وراجع الفتوى رقم: 205441.
والله أعلم.