عنوان الفتوى : حقيقة الهجر الجميل لمبرر شرعي
لي صديقه دائما تحسدني وتحقد علي وتحاول أن تعمل المستحيل لتصل إلي، وحصلت بيننا مشكلة، فأرسلت لي رسائل على الموبايل بأنها أنهت صداقتنا، وغلطت علي في رسائلها، ولا أنكر أنني رددت عليها برسائل، وأقسم بالله أن رسائلي كانت بالنسبة لرسائلها قمة في الأدب والاحترام، وسؤالي: كنت أدعو ربنا سبحانه وتعالى أن يبعدها عني، فحصل ذلك ـ والحمد لله ـ فهل أعمالي لن ترفع، لأن المتشاحنين لا ترفع أعمالهم؟ وأنا لا أستطيع أن أكلمها لأنها غلطت علي كثيرا، وهي التي اختارت أن تبتعد عني، فهل لو سامحتها بيني وبين ربي سترفع أعمالي؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان حال هذه المرأة حقا كما ذكرت فهجرها الجميل والبعد عنها خير لك من مخالطتها، قال ابن عبد البر: والذي عندي أن من خشي من مجالسته ومكالمته الضرر في الدين أو في الدنيا والزيادة في العداوة والبغضاء فهجرانه والبعد عنه خير من قربه، لأنه يحفظ عليك زلاتك ويماريك في صوابك ولا تسلم من سوء عاقبة خلطته، ورب صرم جميل خير من مخالطة مؤذية.
وقال أيضا: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث لمن كانت مخالطته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية.
والهجر الجميل الذي ذكر ابن عبد البر هو الهجر الذي لا يشوبه الأذى ولا العتاب، قال شيخ الإسلام: الهجر الجميل هجر بلا أذى، والصفح الجميل صفح بلا عتاب، والصبر الجميل صبر بلا شكوى.
وقال الطاهر ابن عاشور: فالهجر الجميل هو الذي يقتصر صاحبه على حقيقة الهجر، وهو ترك المخالطة فلا يقرنها بجفاء آخر أو أذى.
وراجعي الفتوى رقم: 139589، وفيها أن الهجر لمبرر شرعي لا يمنع رفع الأعمال، وإنما ذلك في الخصام المؤدي للعداوة والتباغض.
والله أعلم.