عنوان الفتوى : موقف أهل السنة من الديموقراطية والدولة المدنية
الآن في تونس هنالك صراع بين السلفيين، واليساريين . وسؤالي هو: هل فعلا أن السلفية أو الوهابية لا تؤمن بالدولة المدنية، ولا بالنظام الديمقراطي، ولا بالعلم الوطني؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دين الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله لعباده، وكل خير للعباد فهو مبين في هذا الدين أحسن بيان وأتمه؛ قال سبحانه: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ {النحل:89}. فلا سعادة للعباد في معاشهم ومعادهم إلا بتحكيم شرع الله، فالله سبحانه هو خالق الخلق وهو أعلم بما يصلحهم وينفعهم، كما قال تعالى: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ {الملك:14}.
وأما ما يتعلق بمصطلح الديموقراطية، والدولة المدنية، فهي ليست مقبولة بإطلاق، ولا مردودة بإطلاق، ففيها جوانب مقبولة كحق الأمة في تولية من يحكمها، ومحاسبتهم، ومشاركة الشعب في اتخاذ القرارات، وفيها جوانب مرفوضة شرعا، كإعطاء الحق للشعب في سن القوانين وإن كانت مخالفة لحكم الله جل وعلا. وانظر تفصيل ذلك الفتاوى أرقام: 18855 64323 172845 77538 .
وليس صحيحا أن السلفيين يرفضون الديموقراطية بإطلاق، وإن كان يوجد بينهم من ينكرها، فهذا لا يعني أن كل السلفيين كذلك. وراجع فيما يتعلق بالرايات والأعلام الفتوى رقم: 189907
وينبغي للمسلم أن يتنبه لما يتعرض له المنادون بتحكيم شرع الله - لا سيما في دول ما يسمى بالربيع العربي - من حملات التشويه الممنهجة التي يتولى كبرها أعداء الدين، ليتوصلوا بذلك إلى تنفير الناس من الرضا بشريعة الله، فهو في غالب الأحيان هجوم على الشريعة في صورة الهجوم على فرقة كذا أو جماعة كذا، فهناك من يجبن عن التصريح برفضه للشرع، فيهاجم حملته، ولا أحد يدعي العصمة للسلفيين ولا لغيرهم عن الوقوع في الأخطاء. لكن ينبغي للمسلم ألا تنطلي عليه خدع الإعلام، وأن يعلم أن تحكيم شرع الله فرض، لا خيار فيه، ولا مندوحة فيه، وليس تحكيم الشرع مختصا بالسلفيين أو بغيرهم؛ قال تعالى: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {النساء:65}. وقال سبحانه: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ {المائدة:44}.
والله أعلم.