عنوان الفتوى : صبر الزوجة على سوء عشرة زوجها
ماذا تفعل الزوجة على سوء عشرة زوجها؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخت الفاضلة:
إذا كنت لا تريدين الطلاق أبدا – كما ذكرت- فاحتملي واصبري ، فليس أمامك إلا صبر طويل على هذا الأذى المستديم ، ولك أجر الصبر – إن شاء الله ، ولو أنك تأخذين رأينا لأفتيناك بأن الزواج شرع للمودة والألفة والحب بين الزوجين ، فإذا أصبح الزواج نكدا وتعاسة وكآبة بين الزوجين فإنه لا خير فيه ، وإن لم يكن الطلاق حلا في هذا الوقت فإنه لن يكون حلا في وقت من الأوقات.
طالما أنك اخترت الصبر فلا تضجري ، وليكن الصبر ضجيعك ورفيقك ، والاحتمال والصفح أنيسك ونشيدك، ولك على ذلك الأجر من الله تعالى ، وحاولي مع ذلك أن تبحثي عن أسباب تغير زوجك عليك ، وتوددي إليه بكل ما يحب، ولا تريه إلا كل ما يحب ، واستعيني بالدعاء ، ادعي الله خاصة في وقت السحرأن يصلحه لك ، وأن يكف عنك أذاه وشروره؛ ففي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد هل من داع فيستجاب له هل من سائل فيعطى هل من مكروب فيفرج عنه فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله عز وجل له إلا زانية تسعى بفرجها أو عشارا ”
يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:-
لا يقبل الإسلام أن تقوم الحياة الزوجية على إهانة المرأة، أو الإساءة إليها بقول أو فعل، فلا يجوز بحال أن تسب أو تشتم وخصوصًا أمام أطفالها، بل إن الإسلام يمنع سب الحيوانات والجمادات، فكيف بالإنسان؟ وكيف بالزوجة التي هي ربة بيته، وشريكة حياته، وأم أولاده، وأقرب الناس إليه؟؟.
لقد شدد الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- على امرأة لعنت ناقتها فأمر أن تترك الناقة ولا يستخدمها أحد، وحرمت منها صاحبتها، ردعًا لها على سبها ولعنها للناقة، فكيف بلعن الإنسان المسلم وسبه؟!.
رخصة الضرب وحدودها:
وأشد من ذلك الضرب: فلا يجوز ضرب المرأة بحال، إلا في حالة أوجبتها الضرورة وهي ” حالة النشوز ” والتمرد على الرجل. وعصيان أمره فيما هو من حقوق الزوجية وإشعاره بالتعالي عليه وهي ضرورة تقدر بقدرها.
وهو تأديب مؤقت رخص فيه القرآن بصفة استثنائية عندما تخفق الوسائل الأخرى من الوعظ والهجر في المضجع كما قال تعالى: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليًا كبيرًا). (النساء 34).
وفي آخر الآية وعيد للرجال الذين يتطاولون على نسائهم المطيعات، فالله تعالى أعلى منهم وأكبر.
ورغم هذه الرخصة للضرورة فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:” ولن يضرب خياركم “.
فخيار الناس لا يضربون نساءهم، بل يعاملونهن باللطف والرقة وحسن الخلق. وخير مثال لذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي قال:” خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي “.
وقد عرف من سيرته الثابتة -صلى الله عليه وسلم-: أنه لم يضرب امرأة قط، بل لم يضرب خادمًا ولا دابة في حياته!.
وقد استشنع عليه الصلاة والسلام من الرجل أن يضرب امرأته، إذ كيف يضربها أول النهار ويضاجعها آخره؟!.
وإذا أفلت زمام الرجل مرة، فامتدت يده إلى امرأته في ساعة غضب، فالواجب أن يبادر إلى مصالحتها وإرضائها.. فهذا من مكارم الأخلاق التي يجب أن تسود الأسرة المسلمة.
أما ضرب الزوجة أو شتمها أمام أطفالها فهو أمر لا يليق بمسلم يعرف أوليات دينه، ويعلم أنه راع ومسئول عن رعيته، وهو خطأ ديني وخلقي وتربوي لا ينتج إلا الضرر على الفرد والأسرة والمجتمع.
لقد قال الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-:” لن يضرب خياركم ” ومفهومه أن الذين يضربون نساءهم هم الأشرار والأراذل من الناس، ومن ذا يقبل أن يكون منهم؟ نسأل الله الهداية والتوفيق. .انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية عن حقوق الزوجة على زوجها :-
يستحب للزوج تحسين خلقه مع زوجته والرفق بها , وتقديم ما يمكن تقديمه إليها مما يؤلف قلبها , لقوله تعالى : { وعاشروهن بالمعروف } وقوله : { ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف }.
وفي الخبر : { استوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم } . وقال عليه الصلاة والسلام : { خياركم خياركم لنسائهم خلقا } .
ومن حسن الخلق في معاملة الزوجة التلطف بها ومداعبتها . فقد جاء في الأثر : { كل ما يلهو به الرجل المسلم باطل إلا رميه بقوسه , وتأديبه فرسه , وملاعبته أهله , فإنهن من الحق } . وأشباههم ثم يقذفون في النار .انتهى.
والله أعلم .