عنوان الفتوى : يعاني من الشكوك وضعف الثقة بالنفس
أنا شاب مسلم ، التزمت منذ أكثر من عام تقريباً ، وأواجه مشكلتين أساسيتين متعلقتين بأمراض القلوب . الأولى : الشك في الدين . الثانية : حساسية مفرطة في قلبي تجاه الناس من حولي . فعلى سبيل المثال : أحب فتاة وفي كل مرة أراها أشعر بأثر ذلك في قلبي ، ومثال آخر : أني قد أحب بعض الأشخاص حباً شديداً في وقت قصير جداً ، وأحاول التشبه بهم . وهذا بالطبع ينم عن ضعف الثقة بالنفس . وعلى أن هذه المشاكل كانت تواجهني حتى قبل التدين ، إلا أنها أكثر أهمية بالنسبة لي الآن . فكيف أنمي من ثقتي بتديني ، وأني على الطريق الصحيح ، وكيف أنمي ثقتي بنفسي ، وأتخلص من شعور النقص ؟
الحمد لله
بداية نحب أن نطمئنك أن مثل هذه المشاعر العارضة التي تصيبك لا تأثير لها على دينك
والتزامك ، إن شاء الله ، والله سبحانه وتعالى لا يؤاخذ الناس بها ، فقد بشرنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم بأنه عز وجل عفا عن كل هذه الخواطر والوساوس ، فقد روى
البخاري (5269) ، ومسلم (127) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ
أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ به )
.
كما نطمئنك أيضا إلى أن مثل هذه المشاعر – سواء الشكوك أم اهتزاز الثقة بالنفس – من الطبيعي أن تصيب من هم في مثل سنك ، فأوائل الشباب هذا غالبا ما يقترن بالبحث عن القدوة ، والتأمل في قصص النجاح ، فكلما رأى الشاب اليافع نجاحا في إنسان – ولو جزئيا – شعر بالضعف تجاهه ، وبالحاجة إلى تقليده ، ورجاء مستقبل مثله ، ولكن سرعان ما يبدأ الشاب باستعادة توازنه ، ويشعر بالاستقلال في فكره واختياراته ، وذلك مع تقدم السن أكثر ، والخوض في تجارب الدنيا وخبرات الحياة ، وحينها ستنظر إلى هذه المشاعر بإذن الله على أنها صفحة من الماضي وطويت ، بل سيصيبك العجب كيف كانت تلاحقك وتقلق نفسك وفكرك !
إلا أننا هنا يمكننا أن نقترح بعض الأفكار التي تساعد في تعزيز الثقة بالنفس ،
ومن ذلك :
أولا :
تحديد الأهداف التي تنوي تحقيقها في حياتك ، ومن ثم الخطة التي ستسير عليها لتحقيق
تلك الأهداف والطموحات ، سواء في سلك العمل أو التعليم أو التجارة ونحو ذلك ،
فالتخطيط للحياة من أهم أسباب النجاح ، وغالبا ما يستغرق معه الإنسان في قطع مراحل
خطته ، فينشغل بنفسه عن الآخرين ، ويرتبط بطموحاته وتحقيق النجاحات أكثر فأكثر ،
وهكذا تتعزز ثقته بنفسه ، ويستقل بشخصيته .
ثانيا :
القراءة الواسعة في سير الأئمة والعلماء والمصلحين في التاريخ الإسلامي والعالمي ؛
والاستكثار من ذلك ، حتى يولد عند القارئ شعورا باستضعاف أغلب جهود من جاء بعدهم ،
أو يولد لديه شعورا باعتياد مثل هذه النجاحات والإبداعات عبر التاريخ ، فلا يبقى
قلبه سريع التعلق والتأثر بكل قصة نجاح يسمعها ، أو بكل شخصية قوية يقرأ عنها .
ثالثا :
التركيز على الجوانب الإيجابية في شخصيتك ، والعناية بها ، واستذكارها عند كل شعور
بالنقص تجاه أحد الناس ، فكل إنسان ينطوي في داخله على الكثير من الجوانب الرائعة
التي يثني عليه بها من حوله ، وبهذا يمكنك أن تعزز ثقتك بنفسك ، حين تستذكر فضل
الله عليك ، ونعمته أن حباك الكثير من الخصال الطيبة .
رابعا :
تعزيز محبة الله سبحانه ، والتعلق به عز وجل دون غيره من البشر ، فالعبد المخلص لله
تعالى هو الذي تخلص من قيود العبودية لكل ما سواه عز وجل ، وحينئذ لا يبقى لأحد من
البشر في قلبه أي تعلق ، سوى الحب والاحترام بحسب منزلته ومكانته ، وهذه مرتبة
عالية من مراتب العبودية ، لا يبلغها العبد إلا بمجاهدة طويلة ، وإصرار مستمر على
تحقيق هذه المحبة في القلب بكل صورها ومعانيها .
خامسا :
وأخيرا ننصحك بمتابعة بعض الدورات المفيدة في هذا الجانب ، تعزيز الجانب النفسي
وقدرات التواصل مع الآخرين ، وإيقاظ القدرات الكامنة في كل واحد منا من خلال
الأفكار النيرة وبيان أهمية الإرادة والعزيمة في هذا الإطار ، ولا مانع من
الاستشارة المباشرة لبعض الأخصائيين النفسيين ، فلعل التعامل المباشر : يضيء جانبا
، لم يلتفت إليه البعيد .
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |