عنوان الفتوى : حكم من صلى بعد جلوسه على مكان وضع عليه شيء به نجاسة
هل براز الحمار إذا لا مس كرتونة، وهذه الكرتونة وضعت على سرير أو كرسي، تنجس المكان الذي وضعت فيه؛ لأني جلست على المكان، وصليت صلواتي بشكل عادي. وشكرا. أتمنى أن تجيبني على سؤالي هذا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففضلة الحمار إذا لا مست كرتونا أو غيره، فقد تنجس الموضع الذي أصابته. وإذا كان الموضع النجس من الكرتون قد وضع على كرسي أو سرير، وأحدهما رطب فقد تنجس الموضع الذي أصابه من السرير أو الكرسي أو غيرهما، لكن إذا كانت فضلة الحمار قد جفت على الكرتونة، ثم وضعت على سرير أو غيره وهو جاف، فإنه لا يتنجس لعدم انتقال النجاسة. وراجعي الفتوى رقم: 164367 والفتوى رقم: 40332.
وإذا كانت السائلة قد صلت على مكان متنجس على النحو الذي ذكرنا، جاهلة بوجود نجاسة، أو ناسية، فصلواتها كلها صحيحة، ولا إعادة عليها في أصح قولي العلماء، كما ذكرنا تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 123577.
وإن كانت السائلة جاهلة بأحكام النجاسة، فتصح صلاتها أيضا عند بعض أهل العلم. أما إن كانت تجهل بطلان الصلاة في موضع نجس، فتبطل صلاتها، وعليها القضاء، ولا تعذر بالجهل لاشتهار مثل هذا الأمر.
جاء في شرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية أثناء الحديث عمن صلى في الأماكن التي ثبت النهي عن الصلاة فيها غير عالم بالنهي: إذا ثبت ذلك، فمن صلى فيها غير عالم بالنهي. فهل تجب عليه الإعادة؟ على روايتين شبيهتين بالروايتين بالتوضؤ من لحم الإبل لغير العالم, وكثير من متأخري أصحابنا ينصرون البطلان مطلقا للعمومات لفظا ومعنى. والذي ذكره الخلال أن لا إعادة. وهذه أشبه. لا سيما على قول من يختار منهم أن من نسي النجاسة، أو جهلها لا إعادة. فيكون الجهل بالحكم فيها كالجهل بوجود النجاسة إذا كان ممن يعذر؛ ولأن النهي لا يثبت حكمه في حق المنهي حتى يعلم، فمن لم يعلم فهو كالناسي وأولى؛ ولأنه لو صلى صلاة فاسدة لنوع تأويل مثل أن يمس ذكره، أو يلبس جلود السباع ويصلي، ثم يتبين له رجحان القول الآخر لم تجب عليه الإعادة مع سمعه للحجة، فالذي لم يسمع الحجة يجب أن يعذر لذلك، إذ لا فرق بين أن يتجدد له فهم لمعنى لم يكن قبل ذلك، أو سماع لعلم لم يكن قبل ذلك إذا كان معذورا بذلك، بخلاف من جهل بطلان الصلاة في الموضع النجس، فإن هذا مشهور. انتهى.
والله أعلم.