عنوان الفتوى : تمام الاستبراء يختلف باختلاف الناس
بعد أن يتم التبول لابد من بقاء قليل من البول لذلك لابد من الاستبراء من البول ولكن إذا أردنا الاستبراء بشكل تام فإن هذه العملية سوف تأخذ وقتاً طويلاً لذلك هل يجوز شرعاً الاكتفاء بالضغط على العضو عدة مرات وبعد ذلك التوضؤ ؟ مع العلم بأنه لابد من بقاء شيء يسير جداً في العضو بعد ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسلت الذكر ونتره والضغط عليه بعد الانتهاء من البول استحبه جمهور الفقهاء؛ لأنه أبلغ في الطهارة، واستدلوا بما رواه الإمام أحمد وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاثًا. ،لكن الحديث ضعيف، قال النووي في المجموع : اتفقوا على أنه ضعيف.
وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن سلت الذكر ونتره بعد الانتهاء من البول يعد بدعة محدثة، ويؤدي إلى الوسوسة، ونحب أن ننقل هنا نص السؤال والجواب من مجموع الفتاوى 21/106:
وسئل عن الاستنجاء هل يحتاج إلى أن يقوم الرجلُ ويمشي ويتنحنح ويستجمر بالأحجار وغيرها بعد كل قليلٍ في ذهابه ومجيئه لظنه أنه خرج منه شيء : فهل فعل هذا السلف رضي الله عنهم ؟ أو هو بدعةٌ ؟ أو هو مباحٌ ؟
فأجاب : الحمد لله، التنحنح بعد البول والمشي والطفر إلى فوقٍ، والصعود في السُّلم، والتعلُّق في الحبلِ، وتفتيشُ الذكرِ بإسالته وغير ذلك : كلُّ ذلك بدعةٌ ليس بواجب ولا مستحبٍ عند أئمة المسلمين، بل وكذلك نتْرُ الذكر بدعةٌ على الصحيح لم يشرع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكذلك سَلْتُ البول بدعةٌ لم يُشرَّعْ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم . والحديث المَروي في ذلك ضعيفٌ لا أصل له، والبول يَخرجُ بطبعِهِ، وإذا فرغ انقطع بطبعِهِ وهو كما قيل : كالضَّرْعِ إن تركْته قَرَّ ، وإن حَلَبْته دَرَّ .
وكُلَّما فتح الإنسانُ ذكره فقد يخرج منه، ولو تركه لم يخرج منه . وقد يخيل إليه أنه خرج منه وهو وسواسٌ، وقد يُحِسُّ من يجدُهُ بَرْدًا لِمُلاقاةِ رأسِ الذكر، فيظنُّ أنه خرج منه شيءٌ ولم يخرج .
والبول يكون واقفًا محبوسًا في رأسِ الإحلِيلِ لا يقطرُ، فإذا عصر الذَّكر أو الفرجَ أو الثُّقْبَ بحجَرِ أو أُصبُعٍ ، أو غير ذلك، خرجَتْ الرُّطُوبَةُ، فهذا أيضًا بدْعةٌ، وذلك البولُ الواقفُ لا يحتاج إلى إخراجٍ باتّفاق العلماء لا بحجرٍ ولا أصبعٍ ولا غير ذلك، بل كلما أخرجهُ جاء غيُرُه فإنه يرشحُ دائمًا .
والاستجمار بالحجر كافٍ لا يحتاجُ إلى غسل الذكر بالماء، ويُستحب لمن استنجى أن ينضح على فرجه ماءً، فإذا أحسَّ بِرْطُوبته قال : هذا من ذلك الماء .
وأما من به سلسُ البول - وهو أن يَجْرِيَ بغير اختياره لا ينقطعُ - فهذا يتخذ حِفاظًا يمنعه، فإن كان البول ينقطع مقدار ما يتطهرُ ويُصلِّي، وإلا صلَّى وإن جرى البول - كالمستحاضة - تتوضأ لكلِّ صلاة . والله أعلم. انتهى كلامه .
ولعل الأقرب هو التفصيل الذي ذكره النووي في المجموع حيث قال : والمختار أن ذلك يختلف باختلاف الناس، والقصد أن يظن أنه لم يبق بمجرى البول شيء يخاف خروجه، فمنهم من يحصل هذا بأدنى عصر، ومنهم من يحتاج إلى تكرره، ومنهم من لا يحتاج إلى شيء من هذا، وينبغي لكل أحد ألا ينتهي إلى حد الوسوسة. انتهى كلامه .
والله أعلم.