عنوان الفتوى : الصبر الجميل أم الهجر الجميل لذي الرحم المؤذي
أنا فتاة أعيش مع أختين لي في بيتنا، وقد فقدنا الوالد والوالدة، ويعيش معنا أخونا في الطابق الثاني لبيتنا ولكنه لا يعاملنا جيدا، زوجناه وله الآن ثلاثة أطفال، وزوجته دائما تخلق لنا المشاكل رغم معاملتنا الحسنة لها ولزوجها وأطفالها، ودائما نتنازل لها وكأن شيئا لم يكن، وأصبحت تظلمنا هي وأخي إلى حد كبير ونحن نتحمل، ولنا على هذا الحال أكثر من 16 سنة، طفح الكيل ولم أعد أتحمل فقررت أن أقاطعهم حتى أنتهي من المشاكل التي أصبحت تدمر حياتي، فهل يفعل هذا بنا لأننا لم نتزوج أم ماذا؟ وهي تسرح وتمرح وتكذب وتعمل أي شيء دون ضمير، وأطفالها علمتهم الكذب، ولا نجد أحدا يستطيع أن يتدخل، علما بأننا لا نزعجهم أبدا، والله على ما أقول شهيد، وأنا محفظة للقرءان وأخاف أن يضيع أجري، لم أعد أتحمل أن أراهم من كثرة ما يظلموننا، هذا يا شيخ قليل من كثير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصبركنّ على أذى هذا الأخ وزوجته وإعرضكنّ عن ظلمهما خير وأعظم أجرا عند الله تعالى من المقاطعة والهجر، ففي البخاري مرفوعا: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها.
قال ابن الجوزي في كشف المشكل: اعلم أن المكافئ مقابل الفعل بمثله، والواصل للرحم لأجل الله تعالى يصلها تقربا إليه وامتثالا لأمره وإن قطعت، فأما إذا وصلها حين تصله فذاك كقضاء دين. اهـ
وفي تطريز رياض الصالحين: الناس ثلاثة: واصل، ومكافئ، وقاطع، فالواصل: من يبدأ بالفضل، والمكافئ: من يرد مثله والقاطع: من لا يتفضل ولا يكافئ، فالكامل من يصل من قطعه. اهـ
ومع ذلك، فإذا كنت تتضررين بمخالطة هذا الأخ وزوجته، فلا حرج في جواز هجهرهما الهجر الجميل، ولا يلحقك بذلك إثم، قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصًا على المخاطب في دينه أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية.اهـ
وفي معنى الهجر الجميل يقول ابن عاشور في تفسيره: فالهجر الجميل هو الذي يقتصر صاحبه على حقيقة الهجر، وهو ترك المخالطة، فلا يقرنها بجفاء آخر أو أذى.
والله أعلم.