عنوان الفتوى : عوامل النهوض بالأمة الإسلامية بالمفهوم الشرعي
ماهي عوامل بناء ونهضة الأمة الإسلامية؟ ظهرت حديثا بعض المنظمات التي تدعو إلى النهضة الإسلامية وإعمار الأرض، ولديهم مخالفات كثيرة ـ اختلاط بين الجنسين ورحلات مختلطة بين الجنسين، وضحك وتعامل منفتح جداَ بين الطرفين ـ ولديهم رأي في اللحية والنقاب ويقولون بأن العلم الشرعي غير مهم وهو علاقة بين الفرد وربه، تجد الرجل فيهم يقرأ 50 كتابا في الإدارة والتخطيط والتنمية البشرية ولا يحفظ الصحيحين، ويزعمون أنهم يريدون تقديم دين مبسط للناس ـ دين بدون لحية ونقاب، واختلاط ـ فهل ترى أن هؤلاء يمكن أن ينهضوا بالأمة الإسلامية كما يزعمون؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمصطلح النهضة يكثر ذكره في المحافل والمنابر الإعلامية، وينبغي أن يرتبط في عقولنا ـ نحن المسلمين ـ بالعودة الصادقة لكتاب ربنا، وسنة نبينا، بفهم سلفنا الصالح، الذي اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه ونصرة دينه، فلن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، ولن تقوم لها قائمة إلا بذلك: فهما وعملا.. فكرا وسلوكا، وهذا يعني أن التخلف الحقيقي إنما هو التخلف عن هذا الركب المبارك، سواء في فهم الدين، أو في تطبيقه، أو في التعلق بالحياة الدنيا وإيثارها على الآخرة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لئن تركتم الجهاد وأخذتم بأذناب البقر وتبايعتم بالعينة ليلزمنكم الله مذلة في رقابكم لا تنفك عنكم حتى تتوبوا إلى الله وترجعوا على ما كنتم عليه. رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك، وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
فهذه هي النهضة بمفهومها الصحيح: أن نتوب إلى الله تعالى، ونؤثر الآخرة على الدنيا، ونعود عودة حقيقة شاملة لكل مناحي الحياة إلى ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ـ رضي الله عنهم ـ في فهم الدين وتطبيقه، وبقدر ما يفوتنا من ذلك يفوتنا من النهضة المحمودة، وهذا هو أصل ما حل بالمسلمين من نكبات، ونزل بهم من محن، وخلفهم عن ريادة العالم، وراجع في ذلك الفتاوى ألتالية أرقامها: 55432، 15869، 38339، 41227، 119405.
وأما جعل المعاصي والمخالفات الشرعية من مظاهر نهضة الأمة، فهذا من قلب الحقائق والجهل المركب والانتكاس، فالذنوب أصل فساد الأمم وخراب العامر، كما قال تعالى: وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ {الأعراف56}.
قال السعدي: وَلا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ ـ بعمل المعاصي: بَعْدَ إِصْلاحِهَا ـ بالطاعات، فإن المعاصي تفسد الأخلاق والأعمال والأرزاق، كما قال تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ـ كما أن الطاعات تصلح بها الأخلاق والأعمال والأرزاق، وأحوال الدنيا والآخرة. اهـ.
ومن جملة هذه المعاصي وأسباب الفتن والانحراف: الاختلاط المشين بين الجنسين، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 118479.
وكذلك من جملة المعاصي حلق اللحية بالكلية، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 120618، ورقم: 30893.
وأما كشف المرأة وجهها: فمحل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يقول بالوجوب، ومنهم من يقول بالاستحباب، والمفَتى به عندنا هو القول بالوجوب، وقد اتفق أهل العلم على ذلك عند خوف الفتنة بها أو عليها، والمراد بالفتنة بها أن تكون المرأة ذات جمال فائق، والمراد بخوف الفتنة عليها أن يفسد الزمان بكثرة الفساد وانتشار الفساق، وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 4470.
ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 18595.
ومراجعة رسالة: إنه القرآن سر نهضتنا ـ للأستاذ مجدي الهلالي.
والله أعلم.