عنوان الفتوى : يسأل عن صحة حديث : مَنِ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ عِصَابَةٍ وَفِي تِلْكَ الْعِصَابَةِ مَنْ هُوَ أَرْضَى لِلَّهِ مِنْهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وخانَ رَسُولَهُ وخانَ الْمُؤْمِنِينَ
هل هناك حديث يقول : أيما شخص ساعد في اختيار الحاكم الخطأ ، في حين أن هناك من هو أحق منه فقد خان الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟
الحمد لله
رُوي في هذا المعنى حديث ، لكنه لا يصح .
ولفظه : ( مَنِ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ عِصَابَةٍ وَفِي تِلْكَ الْعِصَابَةِ مَنْ
هُوَ أَرْضَى لِلَّهِ مِنْهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وخانَ رَسُولَهُ وخانَ
الْمُؤْمِنِينَ )، رواه الحاكم في مستدركه (4/ 104) ، والطبراني في " المعجم الكبير
" (11/ 114) ، من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
ولفظ الطبراني : ( مَنْ تَوَلَّى مِنْ أُمَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا
فَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَوْلَى
بِذَلِكَ وَأَعْلَمُ مِنْهُ بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ، فَقَدْ خَانَ
اللهَ وَرَسُولَهُ وَجَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ ).
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 212): " فيه أبو محمد الجزري حمزة ولم أعرفه ،
وبقيَّه رجاله رجال الصحيح".
وأبو محمد الجزري هذا هو: حمزة بن أبي حمزة الجزري ، قال عنه الحافظ ابن حجر في "
تقريب التهذيب " (1519) : "متروك متهم بالوضع"، وبه أعلَّه الشيخ الألباني في "
السلسلة الصحيحة "(3/ 19)، وهو في " ضعيف الترغيب والترهيب " (1339) .
فالحديث ضعيف جدًّا ، بهذا الإسناد ، لا يصح.
وله طرق أخرى عن ابن عباس ، كلها ضعيفة .
ينظر : "السلسلة الضعيفة" للشيخ الألباني رحمه الله (4545) ، (7146) .
وقد رُويَ في هذا المعنى قولُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أيضًا، ولفظه: " مَن اسْتعملَ رجلاً لِمَوَدَّة أو لِقَرابَةٍ ، لا يستعمِلُه إلاَّ لذلك ؛ فقد خانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ والمؤمِنينَ"، رواه ابن أبي الدُّنيا، كما في " مسند الفاروق " لابن كثير (2/ 536) .
على أن ضعف الحديث ، لا ينفي أن ذلك واجب في الجملة على من تولى شيئا من أمور
المسلمين ، كما دلت عليه قواعد الشرع ، وأصوله العامة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" .. يجب على ولي الأمر أن يولي على كل عمل من أعمال المسلمين أصلح من يجده لذلك
العمل .." ، وذكر الحديث السابق ، وأثر عمر ، ثم قال :
" فيجب عليه البحث عن المستحقين للولايات من نوابه على الأمصار ، من الأمراء الذين
هم نواب ذي السلطان ، والقضاة ، ومن أمراء الأجناد ، ومقدمي العساكر ، والصغار
والكبار ، وولاة الأموال من الوزراء والكتاب ...
وعلى كل واحد من هؤلاء أن يستنيب ويستعمل أصلح من يجده ، وينتهي ذلك إلى أئمة
الصلاة والمؤذنين والمقرئين والمعلمين وأمير الحاج ...
فيجب على كل من ولي شيئا من أمر المسلمين ، من هؤلاء وغيرهم : أن يستعمل فيما تحت
يده في كل موضع ، أصلح من يقدر عليه " .
انتهى باختصار من "السياسة الشرعية" (7-11) ط عالم الفوائد .
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |