عنوان الفتوى : حكم أخذ زيادة على المهر في عوض الخلع
جزاكم الله خيرا، وسدد خطاكم للخير ونفع بكم. أنا يا شيخ قبل ثلاث سنوات عقدت قراني مع ابنة خالي، ودفعت المهر، وبعد فترة طلب خالي –أبوها- الطلاق مني من أجل مشاكل وأسباب حدثت يطول شرحها قد تكون سؤالا آخر، ولكن ما أريد أن أعرف حكمه في الموضوع أن خالي قال كلاما عني ثم أنكر، فاشترطت عليه أن يحلف على المصحف وأطلقها، وحلف بالمصحف أمامي في مجلس حضره من أقربائنا شهود أنه لم يتفوه بكلام عني وهو يكذب، وقاله أصلاً لأمي وللناس !!! ويريد الخلاص بذلك لأطلق بنته، وقبل أن أشترط عليه أن يحلف تدخل جدي وجدتي، وأخوالي لكي لا أشكوه بالمحكمة ليثبت ما قاله عني هناك، مع العلم وللأمانة أن بعض ما قاله عني صحيح، وهو ليس سببا يدعوه شرعا ليطلق ابنته مني ويشوه سمعتي أمام الناس بالكذب ببعض مما قال، فقلت له بعد ما حلف على القرآن: ما سبب طلبك للطلاق وأطلقها لك ؟ مع أنه كان هناك صلح من طرفهم لأتزوجها وننهي الموضوع، فرفضت وقلت لو يضع عليها مليون ريال. أريد أن أعلم ما هو سبب طلبه الطلاق؟ فقال: إنني لست كفؤا لها، ويا ليته قال إن البنت لا تريدك أو أي شيء آخر. فغضبت من كلمة أني لست بكفء، وخرجت من المجلس وأخبرتهم بعد أن خرجت بالجوال ليذهب خالي -أبو البنت- ويخلع بنته من المحكمة، ويثبت أني لست كفؤا، أو يدفع ضعف المهر وأطلقها. فتدخل إخوانه وأهلي مرة أخرى، واشترطت أن يدفع عشرة آلاف فوق المهر الذي أعطيتهم وأطلقها وحصل هذا، وأنا قد سكت وتواضعت وسامحت كثيرا،ً وشوهت سمعتي بسببهم، ولكن حسبي الله الذي لا تضيع ودائعه. سؤالي: هل مبلغ عشرة آلاف التي اشترطها فوق المهر حلال علي أم حرام ؟ وهل أنا على خطإ في شيء مما ذكرت ؟ وأعطني رأيك بالموضوع فهو يهمني جدا وأخاف أن أكون قد فرطت في شيء ؟ وجزاكم الله عن المسلمين كل خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أهم المقاصد النبيلة للشرع الحكيم أن يكون المسلمون على أحسن حال من الألفة والمودة، ويتأكد مثل هذا في حق ذوي الرحم؛ لما بينهم من الرابطة القوية التي تقتضي التعاضد والتناصر، قال تعالى: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {الأنفال:75}، والخلاف شر، والصلح خير. ولذا حث الشارع عليه وبين فضله، بل وأباح الكذب من أجل تحقيقه. وانظر الفتويين: 21824 - 114750.
فما كان ينبغي أن يصل الخلاف بينك وبين خالك إلى هذه الدرجة. فأن يتم هذا الزواج أو لا يتم، فليس ذلك بالأمر الجلل، فالدنيا كلها زائلة. ولكن أن يترتب على ذلك شيء من القطيعة ونحو ذلك، فهذا هو الإشكال الحقيقي؛ لأنه خلل في الدين، وخلاف أمر رب العالمين. فننصح بالتروي والسعي في الإصلاح، واستحضار أنه قد يكون عدم تمام هذا الزواج هو الأفضل، فالله تعالى أعلم بعواقب الأمور وهو القائل: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
وما ذكرته لخالك من تطليقك ابنته مقابل حلفه يعتبر من قبيل الوعد، والوعد لا يلزم الوفاء به وإنما يستحب، هذا هو الراجح كما بيناه بالفتوى رقم: 17057. وعلى هذا فلا حرج عليك في أخذ عوض مقابل الطلاق ما داموا هم الذين يسعون إليه خلافا لرغبتك، وقد اختلف الفقهاء في حكم أخذ زيادة على المهر في عوض الخلع، والجمهور على جواز أخذ الزيادة كما بينا بالفتوى رقم: 73322.
ونوصي في الختام بالاجتهاد في نسيان ما مضى، وأن تفتح صفحة جديدة لحياة ملؤها المودة والتعاون والتراحم. ونوصيك بأن يكون التحمل من قبلك أكثر، فذلك أعظم لأجرك، إذ الطرف الآخر هو خالك، والخال والد.
والله أعلم.