عنوان الفتوى : الرد على شبة ترك العمل اعتمادا على القدر السابق
سؤالي هو أن ابني عمره تسع سنوات، يسألني دائماً: أليس الله كتب لنا كل شيء، وكتب لنا أنه سيدخلنا الجنة أو النار. فلماذا نصلي، ونفعل الأشياء الجيدة ما دام قد كتب الله لنا مصيرنا فلا يجب علينا أن نفعل شيئا؟ فكيف أرد عليه بارك الله فيكم؛ لأنه يكرر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يبارك لك في ابنك هذا، وأن يجعله قرة عين لكم. وأما سؤاله فبإمكانك أن تجيبيه بما يلي:
صحيح أن الله تعالى كتب كل شيء قبل أن يخلقنا، حتى أمور حياتنا هذه، فمثلا، قد كتب الله سبحانه وتعالى: من سيأكل من الأولاد، ومن سيجوع؟ ومن سيُعطى، ومن سيُحرَم؟ من سيُضرب ويتألم، ومن سيُعافَى ويَسلم ... وهكذا.
فإن فهم هذا وتقبَّل هذه المقدمة، فبإمكانك أن تسأليه: هل تحب أن أمنع عنك الطعام؟ أو أحرمك مما تحب؟ أو أضربك من دون وجه حق؟
وهل تقبل أن يأخذ أخوك، أو صاحبك، أو جارك منك شيئا دون وجه حق ويأبى أن يرده عليك ؟
وهل ترضى أن تجتهد في مذاكرتك وتحصيل دروسك، ثم يحرمك معلمك مما تستحقه من الدرجات، ويعطيها لغيرك ممن أهمل دروسه ولم يذاكر ؟
فإن اشتكيتَ من هذه الأمور، قلتُ لك: هذا ـ يا بنيَّ ـ شيء قد كتبه الله عليك قبل أن تولد، ولا بد أن تتقبله دون محاولة التخلص من الضرر، أو الحصول على ما تحب، بل ترضى وتسكت ؟؟!!
فإن كنت لا ترضى بذلك، فكذلك لا تترك الأعمال الصالحة وتعمل الأعمال السيئة؛ اعتمادا على القدر السابق، وأن كل شيء قد كتبه الله قبل أن يخلقنا بالفعل !! فإن الله تعالى خلق الأسباب وربطها بمسبباتها، فمثلا، جعل الأكل سببا للشبع وطرد الجوع، وجعل الغطاء سببا للدفء وطرد البرد. وهكذا خلق الله الجنة وجعل الأعمال الصالحة سببا لدخولها والتنعم بما فيها. فكما لا يُعقل أن يترك الجائع الطعام وهو مع ذلك يريد أن يشبع، فكذلك لا يليق أن نترك العمل ونطمع في دخول الجنة.
والله أعلم.