عنوان الفتوى : الأفعال الموجبة للكفر هي التي تصدر عن تعمُّد واستهزاءٍ بالدِّين صريح

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما أقوال العلماء في من رأى كتابًا ملقىً على الأرض, أو صحيفة - ربما تحتوي اسم الله - وتركها ملقاة, ولا يقصد بذلك استهزاء فهل هذا كفر؟ وما حكم إلقاء ورق مكتوب عليه السلام رغم أنه لا يقصد من كتبه اسم الله؟ وأرجو ذكر ما يحرم امتهانه من الأسماء, وهل يدخل في ذلك أسماء الشهور أو الأيام؟ وهل وضع حقيبة على كتب الدين, أو وضع كتب عادية على كتب دين يعد امتهانًا؟ وكيف نقوم بنصح من يفعل ذلك؟ فأنا طالبة في المدرسة وأرى الكثير من الأخطاء فماذا عليّ أن أفعل؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فلا يقع الكفر بشيء مما ذكر - إن لم يكن استهزاء - والكفر لا يحصل إلا بتعمد الفعل المكفر, قال النووي في روضة الطالبين في بيان الرِّدَّة واشتراط التعمد في شأنها: هي قطع الإسلام، ويحصل ذلك تارةً بالقول الذي هو كفرٌ، وتارةً بالفعل، والأفعال الموجبة للكفر هي التي تصدر عن تعمُّد واستهزاءٍ بالدِّين صريح, كالسُّجود للصَّنم, أو للشمس، وإلقاء المصحف في القاذورات. انتهى.

وينبغي أن توضع الأوراق التي فيها اسم الله في مكان لائق, أو تتلف, وقد بينا في عدة فتاوى أنه لا يجوز للمسلم إلقاء الأوراق التي تحتوي على آيات قرآنية، أو أحاديث نبوية، أو على أسماء الله تعالى, أو أسماء رسله, أو ملائكته, وانظري الفتويين رقم: 73022، ورقم: 1064.

ومن رأى مثل هذه الأوراق في الطريق وبها شيء معظم مما سبق، فعليه أن يأخذها ويصونها, أو يتخلص منها بإحراقها, أو دفنها, أو فرمها ما استطاع إلى ذلك سبيلًا.

ولا يجب عليه تتبع الأوراق للتأكد من عدم وجود اسم الله فيها، فيوقع نفسه في الحرج والمشقة البالغة، فإن هذا منفي عن الشريعة, كما قال تعالى: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ. {المائدة: 6}. وقال سبحانه: هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ. {الحج: 78}.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ، إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ. رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني, وقال أيضًا - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا. رواه البخاري.

ونظرًا لما في هذا من الكلفة الشديدة والحرج الواضح، فقد ذكر بعض أهل العلم أنه لا حل لهذه المشكلة إلا بنشر الوعي الإسلامي في المجتمع؛ حتى يتعاون الجميع على احترام ما يجب احترامه، كما سبق التنبيه عليه في الفتويين التاليتين: 50107، 68289.

 وما يجب احترامه من الأسماء هو أسماء الله, وأسماء الأنبياء, وأما أسماء الأشخاص الآخرين, وأسماء الشهور فلا يجب احترامها, قال ابن حجر في فتاواه: فإن القرآن وكل اسم معظم، كاسم الله, أو اسم نبي له، يجب احترامه وتوقيره وتعظيمه, والمقصود بأسماء الأنبياء: ما يفهم منه أنه لنبي، بحيث يقرن به من العبارات ما يفهم أنه لنبي، كمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عيسى عليه الصلاة والسلام، أو موسى كليم الله, ونحو ذلك، أما مجرد اسم محمد, أو عيسى, أو موسى، فلا يأخذ هذا الحكم. اهـ

وجاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير عند قول صاحب الشرح: ويكره الاستنجاء بيد فيها خاتم فيه اسم الله, أو اسم نبي, قال: وقوله: واسم نبي، أي: مقرون بما يعينه كالصلاة والسلام، لا مجرد الاشتراك. اهـ

 وأما وضع حقيبة أو كتب عادية على الكتب الشرعية فهو خلاف الأولى.

وقد نص أهل العلم أن كتب الفقه لا يمنع شرعًا أن توضع فوقها كتب اللغة والتاريخ؛ وإن كان الأولى رفع كتب الفقه.

والله أعلم.