عنوان الفتوى : هل تقبل توبة المرتد
هل تجب قبول توبة أسرى المرتدين إذا تابوا أم أنها جائزة فقط - إن كانوا قد قاتلوا قبل ذلك -؟ لأن ابن تيمية فرّق بين الردة المغلظة والمجردة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرتدون عمومًا - أسرى أو غيرهم - يفرق بين ردتهم المجردة والمغلظة، فمن كانت ردته مغلظة بسبّه صلى الله عليه وسلم مثلًا فإنه يقتل عند كثير من أهل العلم دون استتابة, ولا تقيه توبته القتل، ومن كانت ردته مجردة فتوبته بشروطها مقبولة وجوبًا لا يجوز قتله.
قال مالك: وإذا تاب المرتد قبلت توبته, ولا حد عليه فيما صنع في ارتداده.
وفي المجموع: وإذا تاب المرتد قبلت توبته.
وفي الكافي: فإذا تاب المرتد قبلت توبته، وخلي سبيله.
جاء في الموسوعة: ويتفق فقهاء المذاهب على أن الأسير المرتد يقتل إن لم يتب ويعد إلى الإسلام، ولا فرق بين رجل وامرأة عند الأئمة الثلاثة.
ولا يجوز المنّ ولا أخذ الفداء من المرتدين باتفاق المذاهب, جاء في الموسوعة أيضًا: ويتفق فقهاء المذاهب الأربعة على أنه لا يجوز أخذ الفداء من الأسرى المرتدين، ولا المنّ عليهم بأمان مؤقت أو أمان مؤبد، ولا يترك على ردته بإعطاء الجزية, كما يتفقون على أن المرتد من الرجال لا يجري فيه إلا: العودة إلى الإسلام أو القتل؛ لأن قتل المرتد على ردته حد، ولا يترك إقامة الحد لمنفعة الأفراد.
ورجع للمزيد الفتاوى التالية أرقامها: 94873 / 174601 / 76356 .
وهنا نبسط القول ما أمكن في نسبة هذا التفريق بين الردتين إلى بعض من قال به من أهل العلم: يقول ابن تيمية في الصارم المسلول: والتوبة إنما هي مشروعة في الردة المجردة فقط, دون الردة المغلظة, وهذه ردة مغلظة, وقد تقدم تقرير ذلك في الأدلة.
ويقول أيضًا في الفتاوى: ويفرق في المرتد بين الردة المجردة: فيقتل إلا أن يتوب, وبين الردة المغلظة: فيقتل بلا استتابة.
وقال الإمام أحمد: كل من شتم النبي صلى الله عليه وسلم وتنقصه مسلمًا كان أو كافرًا فعليه القتل, وأرى أن يقتل ولا يستتاب.
وقال في التلقين من كتب المالكية: ومن سب النبي صلى الله عليه وسلم قتل ولم تقبل توبته, وذلك إن كان مسلمًا, فأما الكافر إذا قال أنا أسلم ففيه روايتان.
وقال خليل: وإن سب نبيًا..... قتل ولم يستتب.
وقال في البحر الرائق: فالساب بطريق أولى, ثم يقتل حدًا عندنا, فلا تقبل توبته في إسقاطه القتل.
وفيه أيضًا: قال أبو بكر بن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن من سب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يقتل, وممن قال ذلك: مالك بن أنس, والليث, وأحمد, وإسحاق, وهو مذهب الشافعي .
قال القاضي أبو الفضل: وهو مقتضى قول أبي بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - ولا تقبل توبته عند هؤلاء, وبمثله قال أبو حنيفة وأصحابه, والثوري, وأهل الكوفة, والأوزاعي في المسلم. اهـ
والله أعلم.