عنوان الفتوى : كيف تفعل المرأة إن أرادت الخلع ورفض زوجها
امرأة تريد الخلع من زوجها الذي يضربها ويسيئ معاملتها, وأنا أفهم أن الخلع شرع ليحمي المرأة من إساءة وتعسف الزوج في المعاملة ورفض الطلاق, وهي مستعدة للتنازل عن كل شيء, فإن رفض الزوج القبول, فهل من المعقول أنه يستطيع أن يبقيها في أسره؟ علمًا أن الشريعة السمحاء جاءت لحماية المرأة كالرجل, ومعلوم أن هذا الرجل لو لم يكن سيء الخلق وقليل الدين لما أهان زوجته الضعيفة, فهل من المعقول أن لا توجد طريقة في هذا الدين الذي يعطف حتى على البهائم لتخليص هذه المرأة؟! والزواج غير مسجل بالمحكمة, وعمر الزوجة دون 18, ولا يوجد أطفال, وهي من العراق.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا وصلت العلاقة بين الزوجين إلى طريق مسدود، وأعيت كل الحيل، فقد جعل الله المخرج للطرفين بإنهاء هذه العلاقة، أما الرجل فبالطلاق، وأما المرأة فبالخلع، وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتوى رقم: 24956 وما أحيل عليه فيها.
وإن كان الأصل أن الخلع لا يجوز دون رضا الزوجين به، إلا أن هذا الأصل قد يعدل عنه إذا حصل شقاق بين الزوجين ولم يمكن إصلاحه، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 105875, فإن أبى الزوج قبول الخلع، فللمرأة أن ترفع أمرها للقاضي, ولذلك سبق أن نبهنا على أهمية توثيق عقد النكاح حماية للزوجة من الجور والظلم وحفظًا للحقوق، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 2656.
وفي حال عدم توثيق العقد بتسجيله بالمحكمة فلم تستطع المرأة رفع أمرها إلى الحاكم، فبإمكانها أن تحكم العقلاء من أقاربها وأقارب زوجها ليفعلوا الأصلح، قال الخرشي في شرح مختصر خليل: يعني أن الحَكَمين عليهما أن يصلحا بين الزوجين بكل وجه أمكنهما للألفة وحسن المعاشرة, فإن تعذر عليهما ذلك نظرا، فإن كانت الإساءة من الزوج طلَّقا عليه بلا شيء يأخذانه منها له من صداق ولا غيره، وإن كانت الإساءة منها ائتمناه عليها, بمعنى أنهما يجعلانه أمينًا عليها بالعدل وحسن العشرة، وإن رأيا أن يأخذا له منها شيئًا ويوقعا الفراق بينهما فعلا إن كان ذلك نظرًا وسدادًا .. اهـ.
وأما إن كان إشكال الأخت السائلة في مسألة العوض المالي في الخلع, والتزام المرأة به، فجواب ذلك مبني على التفريق بين ما إذا كان النشوز من جهة الزوج، وهو الذي يعضلها ليضطرها إلى الفداء، وبين ما إذا كان الكره والنشوز من قبل الزوجة دون إضرار من الزوج, فقد ذهب الحنابلة إلى أن الزوج لا يستحب له أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها, بل يحرم عليه الأخذ إن عضلها ليضطرها إلى الفداء, وفصل الحنفية فقالوا: إن كان النشوز من جهة الزوج كره له كراهة تحريم أخذ شيء منها؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {النساء:20}، ولأنه أوحشها بالفراق, فلا يزيد إيحاشها بأخذ المال, كما جاء في الموسوعة الفقهية, وقد سبق لنا بيان أنه لا يجوز للزوج إكراه زوجته على طلب الطلاق لإسقاط حقها في مؤخر الصداق، وإن وقع الطلاق على هذا الأساس فالمؤخر باق دينًا في ذمة الزوج، وراجعي في ذلك الفتويين: 64840، 6655.
والله أعلم.