عنوان الفتوى : كيف يفعل من كانت عليه دية قتل خطأ ولم يستطع الوصول لأهل القتيل

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

قبل 23 سنة مات طفل وليد عمره يوم واحد في المستشفى؛ بسبب إهمال طبيبة في العراق, والطبيبة الآن تعيش في أمريكا, وعرفت أن عليها دية لأهل الطفل, والطبيبة لا تعرف أي شيء عن أهل الطفل, ولا تعرف اسم الطفل؛ لأن الطفل دخل المستشفى في الليل لمدة ساعات قليلة وخرجوا صباحًا, ومستشفيات العراق بعد الحروب والعنف الطائفي تفتقر للسجلات والوثائق, والشيء الوحيد الذي تعرفه الطبيبة أن الاسم الأول لوالد الطفل كان (محسن), والملايين من أهل العراق - كما تعرفون - الآن مشردون في جميع أنحاء العالم آخر 20 سنة, فمن الاستحالة أن تجد الطبيبة أهل الوليد, فلمن تدفع الدية في هذه الحالة؟ أغيثونا, يرحمكم الله.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكر هذه الطبيبة على ضميرها الحي, وحرصها على أداء الحقوق إلى أهلها، ونسأل الله لها التوفيق, ونقول لها: إن عليها أن تتوب إلى الله تعالى مما وقعت فيه من الإهمال والتفريط, ثم لتعلم أن الأصل في دية الخطأ أن تكون على العاقلة, أو على بيت المال إن وجدا؛ فإذا كان للطبيبة عاقلة أو كان بيت المال منتظمًا - وهو ما نستبعده كما يبدو من معطيات السؤال - فإن الدية في هذه الحالة تكون على عاقلة الطبيبة، أو على بيت المال، كما سبق بيانه في الفتوى: 110451, وما دامت العاقلة غير موجودة وبيت المال غير منتظم؛ فإن عليها أن تخرج الدية في مالها الخاص؛ قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: "وَتُؤْخَذُ الدِّيَةُ مِنْ الْجَانِي خَطَأً عِنْدَ تَعَذُّرِ الْعَاقِلَةِ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ", والحاصل أن على هذه الطبيبة دية الطفل, وعليها أن تبذل كل ما استطاعت للوصول إلى أهل هذا الطفل؛ حتى تؤدي إليهم حقهم, أو يسامحوها به، فإذا عجزت عن معرفتهم والوصول إليهم ويئست من ذلك صرفته في وجوه الخير وأعمال البر, وعلى الفقراء والمساكين, وفي مصالح المسلمين العامة بنية الصدقة عنهم؛ جاء في الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية : "كل مال لا يعرف مالكه من المغصوب، والعواري، والودائع، وما أخذ من الحرامية من أموال الناس، أو ما هو منبوذ من أموال الناس كان، هذا كله يتصدق به، ويصرف في مصالح المسلمين" . وقال ابن رجب - رحمه الله - في القواعد: الدُّيُونُ المُسْتَحَقَّةُ ، كَالأَعْيَانِ ، يُتَصَدَّقُ بِهَا عَنْ مُسْتَحَقِّهَا . نَصَّ عَليْهِ. أي الإمام أحمد, فإن صرفت المال فيما ذكرنا, وعرفت أصحاب الحق بعد ذلك خيرتهم بين إمضاء الصدقة ويكون الأجر لهم، وبين دفع المال لهم ويكون أجر الصدقة لها, وانظري الفتويين: 7390 - 94674, ثم إن عليها أيضًا كفارة القتل الخطأ وهي كما قال الله تعالى: " وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92}, ونظرا لتعذر العتق في هذا العصر فإن عليها صيام شهرين متتابعين, وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى: 11399.

والله أعلم.