عنوان الفتوى : الصحيح في قصة جلد عمر لابنه الذي شرب الخمر
هل لعمر بن الخطاب ابن شرب الخمر عند يهودي، ثم اغتصب فتاة وهو مخمور، وأنجبت منه، وعندما علم عمر أقام عليه الحد 100 جلدة أمام المسلمين حتى مات أثناء الجلد، ولم يرحمه عمر ؟ ولو كان هذا صحيحا ما الرد على شبهة أن عمر رضي الله عنه كان مخمورا وهو يجلد ابنه حتى الموت ؟ والرد على شبهة أن عمر بن الخطاب كان مدمنا للخمر بعد الإسلام ؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأصل هذه القصة موجود في كتب السنة، ولكن أقلام الحاقدين وألسنة الكاذبين زودتها بما ليس منها افتراء وكذبا، ولو سيقت مساقا صحيحا كانت من خير مزايا عمر، وما كان ليزداد بهذه الأباطيل إلا علوا على علو، وشرفا على شرف.
فقد روى الإمام مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد قال: (خرج علينا عمر بن الخطاب فقال: إني وجدت من فلان ريح شراب فسألته فزعم أنه شرب طلاء، وأنا سائل عنه فإن كان يسكر جلدته الحد، فجلده الحد ) أخرجه مالك في الموطأ.
وهذا الأثر كما رواه مالك في الموطأ رواه أيضًا الشافعي في مسنده، والنسائي في سننه. كلاهما من طريق الإمام مالك.
قال أبو عمر ابن عبد البر: هذا الإسناد أصح ما يروى من أخبار الآحاد. وقال الألباني: صحيح الإسناد.
وقد اختلف الناس على أي أبناء عمر كان هذا الجلد، وأيا كان فلم يثبت أن هذا المجلود مات تحت سياط عمر، ولم نقف على تحديد لمقدار هذا الجلد، ولكنه لم ينقل أنه زاده على المقدار المطلوب شرعا.
قال ابن عبد البر في الاستذكار: حديث ابن شهاب المذكور في أول هذا الباب عن عمر رضي الله عنه هو في عبيد الله ابنه، ولعبد الرحمن ابنه المعروف بأبي شحمة من بنيه قصة في شرب الخمر جلده فيها بمصر عمرو بن العاص، ثم جلده عمر بعد.... قال ابن عمر: فزعم الناس أنه مات من ضرب عمر ولم يمت من ضربه. قال أبو عمر: جاء عن الشعبي عن يحيى بن أبي كثير وهو شيء منقطع أن عمر ضرب ابنه حدا فأتاه وهو يموت، فقال: يا أبتي قتلتني. فقال له: إذا لاقيت ربك فأخبره أن عمر يقيم الحدود. وليس في هذا الخبر ما يقطع به على موته لو صح، وحديث ابن عمر أصح. انتهى.
وأما كون ابن عمر هذا المجلود قد اغتصب فتاة، فهذا ما لم يرد في شيء من كتب السنة، ولعل مرد ما قرأته أو سمعته في هذا الصدد إلى الأكاذيب السخيفة والموضوعات المفتراة الذي يختلقها الحاقدون.
وأما كون عمر كان مخمورا ساعة الجلد، أو أنه كان مدمنا لشرب الخمر فلا نقول في هذا إلا ما قال الله تعالى: (سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ) النور:16. وراجع في دحض هذه الشبهة المختلقة المكذوبة الفتوى رقم: 16296 .
ولتنظر للفائدة الفتوى رقم: 188435 ، والفتوى رقم: 64577، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.