عنوان الفتوى : زوجها أخبرها بأنه سيلعنها إن خرجت دون إذنه فهل يستجاب دعاؤه
أنا مطلقة ولدي طفل تزوجت من شاب بشرط أن يرعى ابني، ولكن بعد الزواج بدأت غيرته من ابني تزداد وبدأت بيننا المشاكل بسبب ابني وتضايقه المستمر منه، وفي إحدى المرات طلبت منه أن أذهب إلى أهلي فحلف أن أبقى عندهم كل أسبوع 3 أيام فرفضت وقال إذا لم يعجبك كلامي فخذي ملابسك واذهبي إلى أهلك، وبالفعل أصبح الصبح فجمعت كل ملابسي واعتذر مني وطلب أن أبقى، ولكنني أصررت بسبب عدم مبالاته بكلامه الجارح وكيف صدر منه إلا أنه فاجأني وقال إذا كنت تحبين اطلبي الطلاق وتنازلي عن المؤخر فرفضت ورجعت إلى أهلي، وبعد مدة اتصلت به ليحلني من كل مكروه بدر مني تجاهه وأنني عفوت عنه لوجه الله عن تحطيمه لحياتي أنا وابني، ولكنه فاجأني بأنه سيلعنني إن خرجت بدون إذنه منذ يوم رجوعي لأهلي وطلب مني أن أرجع له، لكنني ذكرته بابني فقال أنا لا أحبه فقلت إذن المشكلة لا زالت قائمة، فطلبت منه أن أبقى على ابني أربيه وليتزوج هو ولا يطلقني، لأن سمعتي ستتأذى وهو ليس لديه مال المؤخر، علما أنه لم يصرف علي أنا وابني مذ خرجنا من بيته، وسؤالي: هل ألعن إن سافرت أو خرجت بدون إذنه وبإذن والدي فقط؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أنه لا يجوز للمرأة الخروج إلا بإذن زوجها ولو كانت في بيت أهلها، ومجرد إذن والديها لها بالخروج لا يسوغ لها ذلك، وراجعي الفتوى رقم: 8513.
وإذا دعا عليك زوجك باللعن، فإن كان ذلك بغير وجه حق فلن يستجاب له ـ بإذن الله تعالى ـ فإن الله لا يجيب دعاء فيه إثم أو قطيعة رحم، وراجعي الفتوى رقم: 119608.
وإن كان الزوج مظلوما فيخشى أن يستجاب له، علما بأن لعن المسلم لا يجوز بحال من الأحوال، ومما لا شك فيه أنه مهما أمكن الزوج السماح لزوجته بزيارة أهلها فهو أمر حسن، إذ إن ذلك مما تقوى به المودة وتحسن به العشرة، وإن كان زوجك قد حدد لك زيارتهم هذه الأيام الثلاثة في المدة المذكورة فيجب عليك طاعته في ذلك هذا مع العلم بأن من العلماء من ذهب إلى أنه يجوز للزوج منع زوجته من زيارة أهلها، وقد بينا هذه المسألة بالفتوى رقم: 7260.
وإن كان المقصود أن تبقي ثلاثة أيام عند أهلك كل أسبوع فلا حق له في ذلك، لأن سكناك ونفقتك واجبة عليه وينبغي أن يسود الحياة الزوجية التفاهم بين الزوجين لا التسلط من قبل الزوج أو العناد من قبل الزوجة وإصرارك على الذهاب إلى أهلك مع أن زوجك قد طلب منك البقاء خطأ بين ومعصية ونشوز، والناشز آثمة وتسقط نفقتها عن زوجها حتى ترجع عن نشوزها، وراجعي الفتوى رقم: 180265.
والأصل أنه لا يلزم الزوج الإنفاق على ولد زوجته من غيره، ولكن إن اشترطت عليه ذلك وجب عليه الوفاء، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وَلَوْ شَرَطَتْ مَقَامَ وَلَدِهَا عِنْدَهَا وَنَفَقَتَهُ عَلَى الزَّوْجِ فَهُوَ مِثْلُ اشْتِرَاطِ الزِّيَادَةِ فِي الصَّدَاقِ وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ كَالْأَجِيرِ بِطَعَامِهِ وَكُسْوَتِهِ.
وأما بالنسبة لسكنى ولدك معك في بيت زوجك فقد نص فقهاء المالكية على أنه لا يجوز للزوج أن يمنع زوجته من إسكان ولدها الصغيرمن غيره معهما إن كان يعلم به وقت البناء، قال الخرشي شارحا لقول خليل: إلا أن يبني وهو معه: يعني أن أحد الزوجين إذا بنى بصاحبه ومعه ولد يعلم به صاحبه ثم بعد ذلك أراد أن يخرجه عنه ليس له ذلك. اهـ.
فإذا انضم إلى ذلك اشتراط الزوجة عند الزواج سكناه معهما تأكد عدم المنع، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج. رواه البخاري ومسلم عن عقبة ابن عامر رضي الله عنه.
وننصح بالصلح ما أمكن، فإن الصلح خير، وأما الطلاق فلا ينبغي المصير إليه حتى تترجح مصلحته، وإذا تراضيتما على أن تبقي في عصمته ويتزوج من أخرى فلا بأس، وننبه إلى أن مثل هذه المسائل التي فيها خصام ينبغي أن تراجع فيها المحكمة الشرعية، فربما احتاج الأمر إلى استفصال، كما أن حكم القاضي ملزم للطرفين ورافع للخلاف في المسائل الاجتهادية.
والله أعلم.