عنوان الفتوى : غربة مسلمة مستقيمة على الطاعة تأخر زواجها

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

مشكلتي أنا عمري 19 عاما وإذا ذهبت إلى أي عرس أحس أني غريبة وسط أقاربي ، يعني مثلاً : ‏هم يلبسون لبس " ستايل " على الموضة وضيِّق وأنا لا ، هم يضعون ماكياج وأنا لا ، ‏هم يرقصون وأنا لا ، وأشياء من هذا القبيل . وأنا أحياناً كثيرة أختنق من سماع الأغاني ، ورؤية هذه الأشياء تحدث أمامي وأحس أني غير متجاوبة معهم ، وأني خجولة ، ولست أتجاوب معهم ، لكن أنا حاليّاً أحس أني غريبة بينهم ، فما الجواب ؟ . وأنا عندما أذهب خطوبة أكون نفسي أخطب مثلهم ، فبم تنصحني أفعله لأصبر على عدم خطبتي ؟ . وأنا أرى هنا في موقعكم أسئلة متعلقة بأشياء مثل " هل يجوز جماع الرجل لزوجتين على فراش واحد " ، وسؤال مثل " امرأة عندها برود جنسي " ، فهل رؤيتي لمثل هذه النوعية من الأسئلة غلط ، وخاصة أني لما أقرؤها تأتيني شهوة ؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق


الحمد لله
أولاً:
نسأل الله تعالى أن يثيبك خيراً وأن يثبتك على دينه وأن ييسر لك زوجاً صالحاً وذرية طيبة .

ثانياً:
اعلمي أن المسلم المستقيم على أمرِ الله تعالى غريب بين الناس ، فلا غرابة أن يشعر هذا المسلم بالغُربة وهو يرى حوله الناس قد ارتكبوا المعاصي من غير مبالاة ، ولذا كان لهذا الغريب من الأجر العظيم ما يستحقه بسبب غربته وقلة المعين على الثبات على الطريق المستقيم ، ففي صحيح مسلم ( 145 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاء ).
وانظري جوابي السؤالين ( 12804 ) و ( 114437 ) .
ثالثاً:
ننبهك إلى وقوعكِ فيما لا ينبغي لك فعله وهو حضور تلك الأفراح – أو غيرها من المناسبات – التي تشتمل على مخالفات شرعية مثل الاختلاط والموسيقى والرقص واللباس الذي تظهر منه العورات ، وحتى لو كانت المناسبة تخلو من الرجال فإنه لا يجوز لك حضور أي مناسبة تظهر فيها المنكرات ، منكرات اللباس ، والغناء والموسيقى ، ونحو ذلك ، وتجنب حضور هذه المناسبات مما يعينك في غربتك ، ومما ينفعك في الثبات على دينك حتى لا يجد الشيطان طريقا لإغرائك بمشاركتهم في معاصيهم .
وانظري في حكم الموسيقى والغناء والرقص أجوبة الأسئلة ( 5000 ) ( 9290 ) ( 10957 ).

ثالثاً:
مع أننا لا نرى أن أمر الزواج قد تأخر بالنسبة لك ، بل أنت في مرحلة طبيعية جدا ، إذا كانت البيانات التي أمامنا عنك صحيحة ؛ فلا داعي لهذا القلق الذي تشعرين به ، والحزن الذي تجدينه على ذلك .
لكن مع ذلك ، فإلى أن ييسر الله لك زوجاً صالحاً فإننا نوصيك بثلاث وصايا جامعة :
1. الرضا بقدر الله ؛ حيث أن تأخر الزواج هو من تقدير الله تعالى ، ومن رضي بالقدر ملأ الله قلبه رضا وسعادة في الدنيا وأكرمه بالجنان في الآخرة .
قال ابن القيم – رحمه الله - : " مَن ملأ قلبه من الرضى بالقدر : ملأ الله صدره غِنى وأمْناً وقناعة ، وفرَّغ قلبه لمحبته والإنابة إليه والتوكل عليه ، ومن فاته حظه من الرضى : امتلأ قلبه بضد ذلك واشتغل عما فيه سعادته وفلاحه ، فالرضى يفرغ القلب لله والسخط يفرغ القلب من الله " انتهى من " مدارج السالكين " ( 2 / 208 ) .
2. التقوى ، فنوصيك بتقوى الله في غض البصر عن الرجال الأجانب والابتعاد عن كل مثير للشهوة ، كقراءة قصص الحب وغيرها مما يثير مكامن الشهوة ، حتى لو كانت فتاوى تتعلق بالجماع والعلاقات الزوجية ، فمثل هذا يقرأ في وقته ، وينظر فيه المحتاج إليه ؛ والله تعالى يحب الصابرين ويوفيهم أجورهم يوم القيامة بغير حساب ، قال تعالى : ( إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) يوسف/ 90 ، وقال عز وجل : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) الزمر/ 10 .
3. الدعاء ؛ فإن عبادة الدعاء من العبادات الجليلة في الإسلام ، وسواء كان الدعاء عامّاً كأن تقولي " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة " أو كان خاصّاً كأن تقولي " اللهم ارزقني زوجاً صالحاً وذرية طيبة " فكله من الدعاء الجائز والنافع بإذن الله تعالى .
وانظري أجوبة الأسئلة (112172 ) و ( 52631 ) و ( 72257 ) ففيها زيادة بيان .

والله أعلم