عنوان الفتوى : تعاني من تأخر زواجها وتريد النصيحة

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

فضيلة الشيخ أنا عمري 29 سنة ، ولحد الآن لم أتزوج ، أنا دائماً أدعو الله أن يرزقني الزوج الصالح الذي يعينني على ديني ودنياي ، وثقتي بالله كبيرة بأنه سيستجيب لي عاجلاً غير آجل ، أنا أعرف كل الأوقات المناسبة التي تجاب فيها الدعوات ، المشكلة أني بدأت أحس أن كل ما أفعله من عبادات الغاية منه أن يستجيب الله دعائي ، يعني أصوم لأن دعاء الصائم مستجاب ، أقوم الليل لأن الدعوة في الثلث الأخير مستجابة ، أصلي السنن والنوافل حتى أتقرب إلى الله ويستجيب دعائي ، باختصار : أحس أن ما أقوم به من عبادات ليست خالصة لوجه الله ، وهذا الإحساس يخنقني ، ماذا أفعل ؟ . شيء آخر : أنا تعبانه جدّاً بسبب تأخري في الزواج ، أنا أدعو الله دائماً وأبداً وأنا موقنة بأن الله أجود الأجودين ، وأكرم الأكرمين ، ولكني أخاف ذنوبي ، أخاف أن تكون ذنوبي حاجزاً تمنع استجابة الدعاء ، ماذا أفعل ؟ انصحني يا شيخ وادع لي ، أرجوك ، أرجوك ، أن يرزقني الله زوجاً صالحاً خيراً مما أستحق ، رزقاً من عنده يليق بفضله ، وجوده ، وكرمه . جزاكم الله خيراً ، ورزقكم الفردوس الأعلى .

مدة قراءة الإجابة : 8 دقائق

الحمد لله
قال الله تبارك وتعالى : ( فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) النساء/19
وقال سبحانه : ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة/216
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ : ( يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ ) رواه الترمذي (2516)
اعلمي أيتها الأخت المسلمة أن الواجب عليك أن ترجعي لنفسك هنيهة ، وتعلمي أن ما اختاره الله لك هو الأصلح والأحسن ، وأن ماتفقدينه قد يكون فيه خير ، وخير كثير جدا .
ولا تجعلي وساوس الشيطان الرجيم وأمواجه تلاطمك فتأخذك يميناً وشمالاً ، شرقاً وغرباً حيث ما يشتهي الرجيم يتلاعب بك ، بل كوني كما يحب ربنا ويرضى ، وارضَيْ بقضائه واشكريه على نعمائه ، وتأملي نعم الله عليك ، ولا تضجري ولا تسأمي ، واشغلي نفسك بطاعة الله عز وجل ، وضعي لك برنامجاً يوقظك لصلاة الفجر ثم تلاوة القرآن والأذكار والدعوة إلى الله وحضور المحاضرات والمواعظ والندوات الإسلامية ، فتستطيعين من خلال هذا البرنامج أن تجدي الراحة والطمأنينة ، ولتجعلي سلوتك الدائمة، قول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) رواه مسلم ( 2999)
( خففي عن نفسك، وتذكري أن هناك ملايين كثيرة من النساء مثلك لم يتزوجن، ولعل كثيرات منهن أسعد من كثيرات من المتزوجات.
شرحَ الله صدرك للرضا بقضائه، والاطمئنان إلى ما أنت عليه، وملأ قلبك سعادة.
أنت أسعد من كثيرات!
هل تزداد معاناتك من عدم زواجك حين ترين امرأة مع زوجها وأولادها يخرجون في نزهة؟!
أيجعلك هذا تتذكرين وحدتك، وحرمانك الزوج ومساندته، والأولاد وبراءتهم؟!
أيثير فيك إحساسا بأنك مظلومة، أو أنك تعيسة، أو أنك محرومة ؟
تمهلي قليلا، ولا تدعي هذه المشاعر السلبية، والأحاسيس المحبطة؛ تملأ عليك نفسك، وتزرع فيك الحزن .
لقد رأيتِ جانبا واحدا من حياة هذه الأسرة؛ لكن هناك جوانب كثيرة أخرى لم ترها عينك.
لعلك لو رأيت الزوجة المبتلاة بزوج قاس لا يرحم، واستمعت إلى شكواها من معاناتها الدائمة منه؛ لربما حمدت الله على أن نجاك من الزواج ،..
لو جلست مع مطلقة تندب حظها، وتعلن ندمها على زواجها، واستمعت إليها وهي تشكو لك كم احتملتْ وعانت حتى حصلت على الطلاق، واستعادت أمنها؛ لربما حمدت الله على أنك لم تتزوجي ولم تعاني مثل ما عانت .
إن تفكرك بما تعانيه آلاف الزوجات، وما احتملته كثيرات غيرهن انتهى زواجهن بالطلاق، يخفف عنك كثيرا مشاعر الأسى التي تثور في نفسك بسبب عدم زواجك.
إن ذاك التفكر يبدد إحساسك بأنك مظلومة، ويحل محله إحساسا جميلا بالرضا. الرضا الذي يجلب لك رضا الله .
تذكري شكوى صديقتك من صراخ زوجها المستمر، وغضبه الدائم، ونجاتك أنت من هذا.
واستعيدي مشهد جارتك التي خرجت من بيتها باكية بعد أن ضربها زوجها فألحق بها ضررا وأذى ................

نقتبس لك هذه القصة ، للعبرة والعظة :
بلغت الأربعين من عمري ولم أتزوج، وأحمد الله على كل حال ارتضاه لي. في بداية أمري كنت أشعر بالحسرة والألم كلما خلوت بنفسي، وأندب حظي كلما تزوجت واحدة من صديقاتي. لم تكن لي شروط أو مواصفات محددة في الرجل الذي أرتضيه زوجا" فقد كنت مستعدة للقبول بأي رجل صالح. لكن السنين مرت دون أن يأتي هذا الرجل. صرت أعتزل الناس لأتحاشى نظرات الشفقة... ولم أنج منها تماما فقد كنت أراها في عيون والدي وإخوتي الذين كانوا يدعون لي كلما رأوني ". "وفي يوم من أواخر أيام شهر شعبان، ونحن نستعد لشهر رمضان المبارك، هداني الله إلى اقتناء مصحف خاص بي. صممت على ختمه. وجدت صعوبة كبيرة في قراءته بسبب انقطاعي عن القراءة طوال عشر سنين مضت ". "وجدت صعوبة كذلك في فهم بعض الآيات، فاشتريت كتاب تفسير، وصرت أقرأ فيه تفسير ما أتلوه من آيات الكتاب الحكيم. انتهى رمضان ولم ينته تعلقي بكتاب الله، فواصلت تلاواتي آيات الله وقراءة تفاسيرها ".
"وجاء اليوم الذي استوقفتني فيه آية في سورة الكهف ( الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً ) تساءلت: ما معنى ( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ ) وجدت في التفسير أنها كل عمل صالح ".
"عشقت الأعمال الصالحة من صلاة وصيام وصدقة وتسبيح و تحميد وتهليل وتكبير. وبدأت السعادة تملأ قلبي، والرضا يستقر في نفسي. حمدت الله حمدا كثيرا أن هداني إلى هذا الطريق وأرشدني إلى معالمه ".
تستدرك الأخت أم يمان فتقول:
"لكن هذه ليست دعوة للرهبانية، بل هي دعوة للرضا بقضاء الله وقدره ".
غير متزوجات ... ولكن سعيدات (1 /4-7) محمد رشيد العويد
( ولكن، لتعلم كل فتاة أن الغاية من الحياة هي العبودية بمعناها الخاص ومعناها العام، فإذا توفر المناخ المناسب لبناء بيت مسلم.. قامت الفتاة بعبادة ربها من خلال الزواج وتربية الأولاد، وقد تنشئ لنا الجيل الذي نريد.
.. فإن لم يكن؛ فإن طرق العبادة العامة كثيرة وعلى رأسها الدعوة إلى الله عز وجل. فلتلتفت إلى المنحرفات عن طريق الله لتجعل منهن بنات لها وتهديهن إلى صراط الله السوي ( مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا )
ولتجعل من المجتمع الإسلامي بيتا كبيرا هي فيه شمس هداية، ونبراس حق وعدل ومعرفة وعلم. ولنتواص بالحق والصبر: ( إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) التوبة/120 )
غير متزوجات ... ولكن سعيدات (1 / 12) محمد رشيد العويد
انظري جواب الأسئلة (21234),(72257)
والله أعلم