عنوان الفتوى : الحل لمن تعاني من اختلال هويتها الجنسية
أنا فتاة ، ولكني فتاة فقط بالجسد دون الطباع والميول ، فمنذ أن وعيت على الدنيا وأنا ألبس كما يلبس الأولاد ، وألعب الرياضات التي يلعبونها ، بل وأقصّر شعري كما يقصرون ، صحيح أني أرخيت شعر رأسي منذ أن التحقت بالجامعة لكن هذا لم يغيّر في الأمر شيئاً ، فما زلت شابّاً من داخلي ، إني أشعر بميول نحو الفتيات ، لكأنما رُكِّبت طباعي في الجسم الخطأ ! . أعلم أن السحاق محرم شرعاً ، لكني لست سحاقية ، لقد بحثت عن حالتي فظهر لي أني متحولة الطباع ، أي إن طباعي لا تناسب هيئتي الجسمانية ، فالطباع طباع رجل والجسد جسد امرأة . أتمنى لو أن معجزة تقع عليّ فتحوّلني إلى رجل مظهراً ومخبراً فأتزوج الفتاة التي أحب وأحيا معها بمساعدة ، لكني أعلم أن ذلك لا يحدث إلا في الأفلام ، فما العمل إذاً ؟ . حتى بمجرد سماع والدتي تتحدث عن أمر تزويجي على أني امرأة أنزعج جدّاً ، وأعلم في قرارة نفسي أني لن أستطيع الزواج بالطريقة التي يظنونها ، مع أني أشعر أن والدتي تعرف حالتي لكنها ربما تحاول القفز على الواقع ، فكيف يريدون تزويجي وأنا لا أحمل من الأنوثة إلا الجسد ؟! . إنني حزينة جدّاً من وضعي هذا . فلماذا لم يخلقني الله ذكراً ويعفيني من هذا العناء ؟! ما الذي كان سيحدث في الدنيا لو ازداد فيها ذكر واحد ؟! أو ما الذي اقترفته في سابق الأزل قبل أن أولد فعوقبت هذا العقاب ؟
الحمد لله
أولاً :
هناك عبارات في سؤالك ينبغي التوقف عندها ، ونرجو أن لا تكوني قد قصدت حقيقة معناها ، مثل قولك " لكأنما رُكِّبت طباعي في الجسم الخطأ " ! وهذه الكلمة خطيرة على المعتقد ، ولو اعتقد صاحبها حقيقة معناها ، وكذلك قولك " ما الذي اقترفته في سابق الأزل قبل أن أولد فعوقبت هذا العقاب ؟ " ! وهل ابتلاء الله – على فرض وقوعه – هو عقاب منه لمخلوقه ؟! إن أخطر ما تنطوي عليه لغة السؤال هنا : مبدأ التسخط على تقدير الله تعالى وتصريفه وتدبيره ، وما يرتبط به من الطعن في حكمته التامة في خلقه ، فالواجب عليك التوبة من كل تجاوز في الكلام والندم عليه وعدم العودة لمثله ، والتأني فيما تقولين ، وتصحيح أمر اعتقادك في ربك ، وربوبيته : والتسليم لتقديره وتصريفه :
روى مسلم في صحيحه (34) عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَقُولُ ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا ) .
ثانياً:
الذي يظهر لنا من حالتك أنها ليست حالة مرضية تحتاج لعملية جراحية لما يسمى " تصحيح الجنس " – وانظري توضيحه في جواب السؤال رقم ( 164232 ) – وإنما هي مسألة نفسية وهي ما يُطلق عليه " اختلال الهوية الجنسية " أو " اضطراب الهوية الجنسية " ، ويطلقه أطباء وعلماء النفس على الأشخاص الذين يعانون من حالة من عدم الارتياح - أو القلق - من نوع الجنس الذي ولدوا به ، ومن أكبر أسباب حدوث هذه الحالة هم الأهل والبيئة المنزلية التي تربى بها الطفل – ذكراً أو أنثى – فيها أول حياته .
فالذي ننصحك به هو مراجعة طبيبة نفسية موثوق بعلمها ودينها وعرض حالتك عليها ، وإذا صاحب ذلك التزام بواجبات الشرع وإتيان بالأذكار اليوم والليلة والدعاء بصدق وإخلاص : فيرجى أن تتخلصي من هذا القلق بالكلية ، وتزاولي أعمالك الأنثوية براحة ، وسيكون القلق من أمر الزواج من الماضي بإذن الله تعالى وتوفيقه .
وينظر جواب السؤال رقم : (21277) ، ورقم (138451) .
والله أعلم .