عنوان الفتوى : لا حرج في السفر المباح للترويح عن النفس بما لا يخالف الشرع
جزاكم الله خيرا لدي استفسار مهم: قد راسلتكم سابقاً حول مسألة عباءة التخرج، وقد أجبتموني جزاكم الله خيرا، وقد قررت أن لا أشارك في حفلة التخرج ولا أذهب إليها، وهذا الأمر سيضايق أمي وقد يتضايق أبي، وأنا ولله الحمد أثق في الله - أثق بالملك أنه سيعينني على إقناعهما، فمن يتق الله يجعل له مخرجاً ـ فأمي تريد مني الذهاب للحفلة بشدة وتنتظرها ولا تعلم أنني لن أذهب ولن أشارك، وآخر مرة كلمتها عن الموضوع قالت لي لا تفتحي الموضوع لا أريد أن أتضايق، وما أنوي فعله ـ بإذن الله ـ هو أنني سأحاول ترتيب سفرة إلى المدينة المنورة بإذن الواحد الأحد، لأن أمي مشتاقة للمدينة وتتمنى زيارتها منذ فترة وكذلك والدي، وسأحاول أن تكون السفرة في وقت حفلة التخرج، وما يقلقني هو أمر جدتي التي تعيش في منزل وحدها بعد أن توفي خالي ـ رحمه الله ـ منذ سنوات، وهي مريضة، ولكنها الآن بفضل الله عز وجل حالتها جيدة وبخير والحمد لله، فما حكم السفر عن جدتي إذا كنا مطمئنين على صحتها ونؤمن لها خادمة مسلمة هي كالأخت لنا وتحب جدتي حباً جماً وتعتني بها منذ سنوات بفضل الله؟ وماحكم السفر إذا كان إلى الدول العربية والإسلامية وليست أي دولة عربية ولكن تلك الدولة الآمنة التي يأمن فيها الشخص على دينه ونفسه وأهله؟ وما هي نظرة الإسلام للسفر؟ وما هي آدابه؟ وهل يعتبر السفر من اللهث وراء فتن الدنيا إذا كانت نيتي من هذا السفر هي فقط إسعاد والدي وعدم إزعاجهما بحفلة التخرج، آسفة على الإطالة وأرجو أن تعذروني فقد أطلت لأحصل على حكم شرعي يطمئنني، وجزاكم الله خيرا وجعلكم من عتقائه من النار.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في السفر عن الجدة بصحبة الوالدين إذا كنتم تركتم لها من تخدمها وكنتم مطمئنين عليها، والسفر الذي يراد به إدخال السرور على الوالدين من سفر الطاعة والبر، فكيف إذا كان يسافر بهما إلى مكة والمدينة؟
وأما السفر عموما فلا حرج في المباح منه ولا فيما يحصل فيه من الترفيه والترويح عن النفس ما دام لا يخالطه ما يسخط الله تعالى، وأما آداب السفر فهي كثيرة وقد جاء في منهاج القاصدين للمقدسي بعضها، حيث يقول رحمه الله:
وللسفر آداب معروفة مذكورة في مناسك الحج وغيرها.
من ذلك: أن يبدأ برد المظالم، وقضاء الديون، وإعداد النفقة لمن تلزمه نفقته، ورد الودائع.
ومنها: أن يختار رفيقاً صالحاً، ويودع الأهل والأصدقاء.
ومنها: أن يصلي صلاة الاستخارة، وأن يكون يوم الخميس بكرة.
ومنها: أن لا يمشي منفرداً، وأن يكون أكثر سيره بالليل، ولا يهمل الأذكار والأدعية إذا وصل منزلاً أو علا نشزاً أو هبط وادياً.
ومنها: أن يستصحب معه ما فيه مصلحته، كالسواك، والمشط، والمرآة، والمكحلة، ونحو ذلك.
وينبغى له أن يتزود للدنيا والآخرة، أما زاد الدنيا، فالمطعم والمشرب وما يحتاج إليه، ولا ينبغى أن يقول: أخرج متوكلاً فلا أحمل زاداً، فهذا جهل، فإن حمل الزاد لا يناقض التوكل، وأما زاد الآخرة، فهو العلم الذي يحتاج إليه في طهارته وصلاته وعبادته، وتعلم رخص السفر كالقصر والجمع والفطر، ومدة مسح السفر على الخفين والتيمم، والتنفل للماشي، وكل ذلك مذكور في كتب الفقه بشروط، ولابد للمسافر من معرفة ما يتجدد بسبب السفر، وهو علم القبلة والأوقات، فمعرفة ذلك في السفر آكد من الحضر. اهـ.
والله أعلم.