غثاء وصفعات - أبو الهيثم محمد درويش
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
صفعات تتلقاها الأمة الإسلامية في شتى بقاع الأرض، واستهانة غير مسبوقة بالمسلمين من أعداء الخارج والداخل.
ترى ما سبب الهوان؟
أرى في جواب النبي صلى الله عليه وسلم الجواب الكافي:
عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها».
فقال قائل: ومِن قلَّةٍ نحن يومئذ؟ قال: «بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السَّيل، ولينزعنَّ الله مِن صدور عدوِّكم المهابة منكم، وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوَهَن».
فقال قائل: يا رسول الله، وما الوَهْن؟ قال: «حبُّ الدُّنيا، وكراهية الموت » (رواه أبو داوود وصححه الألباني ).
قال العظيم آبادي في شرح هذا الحديث:
"...
«يوشك الأمم» أي يَقْرُب فِرَق الكفر وأمم الضَّلالة.
«أن تداعى عليكم» أي: تتداعى، بأن يدعو بعضهم بعضًا لمقاتلتكم، وكسر شوكتكم، وسلب ما ملكتموه مِن الدِّيار والأموال.
«كما تداعى الأكلة» أي: يَقْرُب أنَّ فِرَق الكفر وأمم الضَّلالة...
يدعو بعضهم بعضًا إلى الاجتماع لقتالكم وكسر شوكتكم؛ ليغلبوا على ما ملكتموها مِن الدِّيار، كما أنَّ الفئة الآكلة يتداعى بعضهم بعضًا إلى قصعتهم التي يتناولونها مِن غير مانع، فيأكلونها صفوًا مِن غير تعب.
"ومِن قلَّة" أي: أنَّ ذلك التَّداعي لأجل قلَّة نحن عليها يومئذ.
«كثير» أي: عددًا، وقليل مددًا.
«ولكنَّكم غُثَاء كغُثَاء السَّيل» ما يحمله السَّيل مِن زَبَد ووَسَخ؛ شبَّههم به لقلَّة شجاعتهم ودناءة قدرهم.
«ولينزعنَّ» أي: ليخرجنَّ.
«المهابة» أي: الخوف والرُّعب.
«وليقذفنَّ» أي: وليرمينَّ الله.
«الوَهن» أي: الضَّعف، وكأنَّه أراد بالوَهن ما يوجبه، ولذلك فسَّره بحبِّ الدُّنيا وكراهة الموت.
"وما الوَهن؟" أي: ما يوجبه وما سببه؟ قال الطيبيُّ رحمه الله: سؤالٌ عن نوع الوَهن، أو كأنَّه أراد منِ أي وجه يكون ذلك الوَهن.
قال: «حبُّ الدُّنيا وكراهية الموت» وهما متلازمان، فكأنَّهما شيء واحد، يدعوهم إلى إعطاء الدَّنيَّة في الدِّين مِن العدو المبين، ونسأل الله العافية" (عون المعبود للعظيم آبادي).